للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليُقتدى به , ولابدّ من تبليغ أوامره ونواهيه ليطاع , ويتم به الانتفاع , فقد ظهرت آياته وثبتت معجزاته , وتجلّت أقمار أخلاقه في بروج سعود سماء سماته , وظهرت ظهورَ النيْرين أعلامُ أوامره ونواهيه في أرض الله وسماواته , ولم يبق إلا التصديق برسالته , والانقياد لإيالته (١) , والاقتفاء لآدابه وسيرته , والقيام بأعْبَاء شريعته , والدخول في طاعته؛ وأنشد لسان الحال بالحَقّ لا المحال:

فالآن قد تمّ هلال العلى ... وصار في مطلعه بَدراً (٢)

هو النبي المصطفى , والصفي المرتضى [ق ٨٩/ظ] , أصفى الخلائق سرّاً , وأعلاهم قدراً , وأنقاهم صدراً , وأنورهم وجهاً ولوناً , وأحسنهم عرنيناً (٣) وعيناً , وجبيناً وجفناً , وأجملهم هامة وخدّاً , وأكملهم قامة وقدّاً (٤) , وأرجحهم ميزاناً , وأوضحهم بياناً , وأفصحهم لساناً , وأنورهم برهاناً , وأوفرهم إحساناً , وأعظمهم إيماناً , له الأسماء المعروفة بالجمال , والأفعال الموصوفة بالكمال , والحركات المبنية على العدل , والسكنات الممالة عن الطيش الرَّذل , ماضي أمره كالمستقبل , ووجهه لمنادي نداه يتهلَّل , لا تنصرف فوارس نصره إلا بإضافة الأنفال , ولا ترفع أعلام رماحه وسيوفه إلا عن دم الأبطال , فهي من تأييد الله منصوبة على الحال , وله ابتداء غايَةِ الاختصاص في المعرفة بالتصريف (٥) والإبدال , فالمعرفة شعاره , والنكرة انتهاره , والتعجُب من طيِّ بشره , والحكاية المستغربة رَدُّه السائل على فقره , لقد تميّز شأنه وقصّته عن الشؤون والقصص , وتأكّد نعته المختص بلزوم ما تمّ وإلغاءِ ما نقص , فهو على هذا (النحو) (٦)


(١) الإيالة: السياسة , يقال فلان حسن الإيالة وسيئ الإيالة. النهاية (١/ ٢٠٦).
(٢) ذكره الرسعني في رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز (٢/ ٤١٤) , تحقيق: أ. د. عبدالملك بن دهيش , الطبعة الأولى ١٤٢٩ , مكتبة الأسدي , مكة المكرمة.
(٣) تقدم التعليق عليه , انظر: ص ٤٧٤.
(٤) حسن القد: أي الاعتدال والجسم. انظر: لسان العرب (٣/ ٣٤٣).
(٥) في ب "بالتصرف".
(٦) "النحو" ليس في ب.

<<  <   >  >>