للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سورة (سأل سائل) المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون ممّن ذمّهم بالهَلع والجزع , وجعل الدائمين عليها المحافظين في جنّات مكرمين (١).

وأما العشرة التي ذكرها طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما من الفطرة التي أوتيها إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقد أوتيها محمد - صلى الله عليه وسلم - وزيادة عليها ففعلها هو - صلى الله عليه وسلم - وأمَّته على الوجه الكامل والحال الفاضل.

وأما قول مجاهد بأنها قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: من الآية ١٢٤] فقد كانت إمامة محمد - صلى الله عليه وسلم - أظهر وتبع الخلق له على دينه أشهر.

وأما قول الحسن أنها سبعة أشياء الكوكب والقمر والشمس فقد ذكرنا (٢) أنّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - أوتي في صباه من الحفظ والإيقان والسلامة من أسباب الإشراك وإلهام التوفيق إلى الحق مافيه كفاية , وكذلك ذكرنا صبره - صلى الله عليه وسلم - على القتل بنفسه والتّغْرير بها في طاعة الله تعالى ماهو أعظم من الصبر على فقد الولد وألم الختان وصبره في هجرته - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة وبلواه كانت أعظم من صبر إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - في هجرته , فإنه خرج مختفياً وقد بيَّته القوم كما ذكر الله - عز وجل - في كتابه ليقتلوه , ولما علموا أنه قد خرج بعثوا في طلبه في جميع الطرق وبذلوا الأموال الكثيرة لمن يقتله أو يأتي به , وقصته مع سُراقة في ذلك معروفة حتى قدم المدينة.

وأما قول أبي رَوْق أنها قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) ... } [الشعراء: ٧٨] [الآيات] (٣) فإنّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - كان من هذه الأمور بالمنزلة التي لايصل إليها غيره وهي ظاهرة مِن سيرته - صلى الله عليه وسلم - , وقد ذكرنا الكلام على قول بعضهم أنها ابتلاؤه (٤) في ماله وولده ونفسه وقلبه وأنّ الله اتخذه لذلك خليلاً , فمحمّد - صلى الله عليه وسلم - كان في هذه الأمور أكمل قدراً وأعظم أجْرًا فإن الله تعالى اتخذه خليلاً حبيباً.


(١) في ب "مكرمون".
(٢) في أ "ذكر".
(٣) "الآيات" زيادة من ب.
(٤) في ب "ابتلاه".

<<  <   >  >>