للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنها لمّا نزلت قصّة زيد - رضي الله عنه - من قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: من الآية ٣٧]: "لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - كاتماً شيئاً من الوحي كتم هذه الآية" (١) فلم يمنعه من تبيلغ الوحي مانعٌ , ولا دفعه عن قول الحق دافعٌ , كما قال بعض أصحابه: "لقد تَرَكَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ومامن طائر يطير بين السماء والأرض إلا وقد ذكر لنا منه علماً" (٢) واستنطق الناس في أعظم حَفْلٍ وأكثر جمعٍ [ق ١٥/ظ] يوم حجّة الوداع «ألا هل بلّغت» فيقولون: نعم , فيرفع يده إلى فوق وينكبها (٣) إليهم ويقول: «اللهم اشهد» (٤) , وأما قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ

رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ} [الأنبياء: من الآية ٥١] وقوله في الكوكب والقمر والشمس وإلهامُه أن قال: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: من الآية ٧٩] فإنَّ حال محمد - صلى الله عليه وسلم - أكمل وأتمّ وأقوى في التبليغ وأنجع في قلوب السامعين , وروى أبو نعيم بسنده عن النَّزَّال بن سَبْرَة عن علي - رضي الله عنه - قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: هل عبدت وثناً قطّ قال: «لا» , قالوا: هل شربت خمراً قطّ قال: «لا وما زلت أعرف أن الذي هم عليه كفر وما كنت أدري ما الكتاب ولا الإيمان» (٥) , وفي حديث آخر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:


(١) أخرجه الترمذي (٥/ ٣٥٣) , أبواب تفسير القرآن , باب: ومن سورة الأحزاب , ح ٣٢٠٨ , وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
(٢) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ٤٧٢) ح ١٣٩٧٣ , عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - , بلفظ: "لقد تركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما في السماء طائر يطير بجناحيه إلا ذكرنا منه علماً" , وقال: "رجاله رجال الصحيح"؛ وأخرجه أحمد في مسنده (٣٥/ ٢٩٠) ح ٢١٣٦١ , من طريق أبي ذر - رضي الله عنه - , بلفظ: "لقد تركنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا أذكرنا منه علما" قال الهيثمي: "رواه: الإمام أحمد، والطبراني ... ورجال الطبراني رجال الصحيح غير محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ وهو ثقة , وفي إسناد أحمد من لم يسم".
(٣) ينكبها: أي يُمِلها إليهم يريد بذلك أن يُشْهِدَ الله عليهم. النهاية (٥/ ٢٣٥).
(٤) أخرجه البخاري (٢/ ١٧٦) , بنحوه في كتاب الحج , باب الخطبة أيام منى , ح ١٧٤١ , من طريق أبي بكرة - رضي الله عنه -؛ وأخرجه مسلم (٣/ ١٣٠٧) , بنحوه في كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات , باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال , ح ١٦٧٩.
(٥) لم أقف على الحديث في كتب أبي نعيم , ولعله سقط من نسختي المطبوعة عن كتاب الدلائل , وقد عزاه أيضاً لأبي نعيم وابن عساكر: السيوطي في الخصائص الكبرى ص ١٤٩ , الشوكاني في فتح القدير (٤/ ٥٤٦) وعزاه لكتاب الدلائل , والمتقى الهندي في كنز العمال (١٢/ ٤٠٦) وعزاه أيضاً لكتاب الدلائل.

<<  <   >  >>