للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً): كناية عن الترخيص والتيسير، لأنّ من كانت عادته أن يعفو عن الخطائين ويغفر لهم آثر أن يكون ميسراً غير معسر. فإن قلت: كيف نظم في سلكٍ واحدٍ .......

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوظيف: مستدق الذراع، والصعب: نقيض الذلول، والوتيرة: حجاب ما بين المنخرين، والعران: العود الذي يجعل في وتيرة أنف البختي.

قوله: (كنايةٌ عن الترخيص والتيسير) يريد أن قوله: (إنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًا غَفُورًا) كالتعليل بقوله: (وإن كُنتُم مَّرْضَى) إلى آخره، والعفو والغفران يستدعيان سبق جرم، وليس في ذلك الإعذار ما يشم منه رائحته؛ فلا يصح إجراؤه على ظاهره، فوجب العدول إلى الترخيص والتيسير، ويؤيده مجيء قوله: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ ولَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) [المائدة: ٦] في مثل هذه الآية في المائدة، وفي تخصيص الوصفين إدماجٌ لشدة لإيجاب الطهارة في الصلاة، وأن أصل الأمر أن لا يؤتى بها إلا بالطهارة الكاملة؛ لأنها مثولٌ بين يدي جبار السماوات والأرض، وأن الترخيص بالطهارة بالتراب بابٌ من العفو والغفران، وإذا كان حال الطهارة الظاهرة إلى هذه المثابة، فما بال الطهارة الباطنة! ثم في مثل هذا التشديد في مقدمات الصلاة إيذانٌ بعلو منزلتها ورفعة مرتبتها، وكيف لا وهي أعظم العبادات التي ما خلقت الكائنات إلا لها! ومن ثم فصلت آية المائدة بقوله: (ولِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة: ٦] والله أعلم.

قوله: (كيف نظم في سلكٍ واحد؟ ) أي: هذه المذكورات الأربعة أسبابٌ لأشياء مختلفة، فكيف جمعها بحرف النسق والجهة الجامعة مفقودة؟ وخلاصة الجواب: أن المسببات وإن اختلفت لكن جمعها حكمٌ واحد، وهو الرخصة في التيمم؛ لأن الخطاب بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) لجميع الأمة الذين وجب عليهم التطهر، وأعوزهم الماء لأعذار جمةٍ من المرض، والسفر، والخوف من العدو السبع، والحبس، وعدم آلة الاستقاء، وغير ذلك مما يدخل تحت هذا المعنى، وأقدمها في استحقاق الرخصة وأغلبها وقوعاً: السفر والمرض،

<<  <  ج: ص:  >  >>