[فخصهما] بالذكر أولاً بقوله: (وإن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ)، ثم عطف عليهما قوله:(أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) على إرادة أنهما مشتملان على سائر ما يدخل تحت العذر على طريقة قوله: (ولَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ المَثَانِي والْقُرْآنَ العَظِيمَ)[الحجر: ٨٧] عطف القرآن- وهو مجموع التنزيل- على قوله:(سَبْعًا مِّنَ المَثَانِي) وهو الفاتحة؛ ليؤذن بتقدمها على مزيد شرفها؛ فعلى هذا (أَوْ) في قوله: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم) غير التي في قوله: (أَوْ عَلَى سَفَرٍ)، لأنها عطفت على مجموع جنسٍ واحد، وهو على كل من وجب عليه التطهر وأعوزه الماء على نوعيه، قال القاضي: ووجه هذا التقسيم أن المترخص بالتيمم إما محدثٌ أو جنب، والحال المقتضية في غالب الأمر مرضٌ أو سفر، والجنب لما سبق ذكره اقتصر على بيان حاله، والمحدث لما لم يجر ذكره ذكر من أسبابه ما يحدث بالذات وما يحدث بالعرض، واستغنى عن تفصيل أحواله بتفصيل حال الجنب وبيان العذر مجملاً؛ كأنه قيل: وإن كنتم جنباً: مرضى أو على سفر، أو محدثين جئتم من الغائط، أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءً.
وقلت: هذا التفسير متفرعٌ على مذهب الشافعي رضي الله عنه؛ لأن الملامسة على هذا بمعنى المس لا الجماع.
روى مالكٌ عن ابن عمر، أنه كان يقول: قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة، فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء.
وعنه أيضاً، عن ابن مسعودٍ أنه كان يقول: من قبلة الرجل امرأته الوضوء.
وبيان ذلك أن قوله:(أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) عطفٌ من حيث المعنى على قوله: (جُنُبًا)، فلما ذكر المقتضي للترخص في المعطوف عليه- أعني المرض والسفر- استغنى عن ذكره في المعطوف؛ فحينئذٍ التقدير: لا تقربوا الصلاة وأنتم