(أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً) أي: نمحو تخطيط صورها من عين وحاجب وأنف وفم (فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها) فنجعلها على هيئة أدبارها، وهي الأقفاء مطموسة مثلها. والفاء للتسبيب، وإن جعلتها للتعقيب على أنهم توعدوا بعقابين أحدهما عقيب الآخر، ردها على أدبارها بعد طمسها؛ فالمعنى: أن نطمس وجوها فننكسها، الوجوه
أي: هو كثير الهم مختلف الوجوه والطرق لا يقف أمله على فنٍّ واحد؛ بل يتجاوز إلى فنونٍ مختلفةٍ، صبورٌ على النوائب، لا يكاد يشتكي منها، واستعمل لفظ القليل وقصد به إلى نفي الكل، والمعنى على هذا: ليس لهم إيمانٌ إلا إيماناً يدل على أن لا إيمان لهم ألبتة، كقوله تعالى:(لا يَذُوقُونَ فِيهَا المَوْتَ إلاَّ المَوْتَةَ الأُولَى)[الدخان: ٥٦].
قوله:(أو (إلاَّ قَلِيلاً) منهم قد آمنوا) فعلى الأول (إلاَّ قَلِيلاً) مستثنىً من مصدر (يُؤْمِنُونَ)، وعلى هذا ((من)) فاعله.
قوله:(والفاء للتسبيب) فيكون إرادة الطمس سبباً لردها على أدبارها، أي: أردنا أن نردها إلى أدبارها ففعلنا، فلا يكون الرد غير الطمس؛ ولهذا قال:((فنجعلها على هيئة أدبارها)).
قوله:(فالمعنى: أن نطمس وجوهاً) جزاءٌ لقوله: ((وإن جعلتها للتعقيب)).