إلى خلف، والأقفاء إلى قدّام؛ ووجه آخر وهو أن يراد بالطمس القلب والتغيير، كما طمس أموال القبط فقلبها حجارة؛ وبالوجوه رؤوسهم ووجهاؤهم، أي: من قبل أن نغير أحوال وجهائهم، فنسلبهم إقبالهم ووجاهتهم، ونكسوهم صغارهم وإدبارهم، أو نردهم إلى حيث جاءوا منه، وهي: أذرعات الشام، يريد: إجلاء بنى النضير.
فإن قلت: لمن الراجع في قوله: (أَوْ نَلْعَنَهُمْ) قلت: للوجوه؛ إن أريد الوجهاء، أو لأصحاب الوجوه؛ لأن المعنى: من قبل أن نطمس وجوه قوم أو يرجع إلى (الَّذِين َأُوتُوا الْكِتابَ) على طريقة الالتفات. (أَوْ نَلْعَنَهُمْ): أو نجزيهم بالمسخ كما مسخنا
قوله:(ووجهٌ آخر) عطفٌ على قوله: ((أي: نمحو تخطيط صورها))، يريد أن الطمس مشتركٌ بين محو الأثر وقلب الحقيقة. الأساس: طمس الأثر وانطمس، وطمسته الريح، وطمس على أموال آل فرعون، ذكره في قسم الحقيقة. والمعنى الثاني: لما لم يكن ظاهراً في الوجوه جعلها عبارةً عن الوجهاء، وفسر الطمس بتغيير أحوالهم وقلب العز إلى ذل؛ لذلك قال:((فنسلبهم إقبالهم ونكسوهم صغارهم)).
قوله:(أو نردهم) عطفٌ على قوله: ((فنسلبهم))، والفاء في ((فنسلبهم)) للتسبيب لا غير كما سبق؛ لأن معنى سلب إقبالهم ومعنى تغيير حال وجهائهم واحد، والفاء في ((نردهم)) المقدر قيل: يحتمل التعقيب أيضاً، على معنى أن يكون الإجلاء بعد تغيير أحوالهم، فيكون عقاباً غب عقاب، والتسبب أظهر لقوله بعده:((فإن كان الطمس تبديل أحوال رؤسائهم أو إجلاءهم إلى الشام)).
قوله:(وجوه قوم) فعلى هذا التنوين في قوله تعالى: (وجُوهًا) عوضٌ من المضاف إليه، وعلى الأول: للتفخيم؛ ولهذا قال:((وجهائهم)).
قوله:(على طريقة الالتفات) أراد الالتفات من الخطاب المستفاد من البدء في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ) إلى الغيبة في قوله: (أَوْ نَلْعَنَهُمْ).