للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمدٍ منكم إلينا فلا نأمن مكركم، فاسجدوا لآلهتنا حتى نطمئن إليكم ففعلوا فهذا إيمانهم بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ؛ لأنهم سجدوا للأصنام وأطاعوا إبليس فيما فعلوا. وقال أبو سفيان: أنحن أهدى سبيلاً أم محمد؟ فقال كعب:ماذا يقول محمد؟ قالوا يأمر بعبادة اللَّه وحده، وينهى عن الشرك. قال: وما دينكم؟ قالوا: نحن ولاة البيت، نسقي الحاج، ونقري الضيف، ونفك العاني، وذكروا أفعالهم، فقال: أنتم أهدى سبيلاً.

[(أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً* أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً* فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً)].

وصف اليهود بالبخل والحسد وهما شرّ خصلتين؛ يمنعون ما أوتوا من النعمة ويتمنون أن تكون لهم نعمة غيرهم فقال: (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ) على أن (أم) منقطعة، ومعنى الهمزة لإنكار أن يكون لهم نصيب من الملك ثم قال: (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أنتم أهدى سبيلاً) فيه إشعارٌ بأن قوله تعالى: (هَؤُلاءِ) وضع موضع (أَنتُمْ) ليميزه أكمل تمييز؛ فعلى هذا قوله: (لِلَّذِينَ كَفَرُوا) معناه: أنهم يخاطبون غيرهم لأجل الذين كفروا، وأن سبيل هؤلاء ظهر ظهور المحسوس فلا يبقى مع أحدٍ فيه شكٌّ عناداً منهم، وتغطيةً للحق الواضح الجلي، ولعل الله تعالى وضع موضع قولهم الدال على الظلم قوله: (مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) إشعاراً بأنهم ظلموا في ذلك حيث وضعوا الذم موضع المدح.

قوله: (وهما شر خصلتين) أي: إذا اعتبر الخصال خَصْلتَيْنِ خَصْلتَيْنِ، فهما شر كل خَصْلتَيْنِ خَصْلتَيْن، وأما إفراد ((شر)) فلجواز إفراده ومطابقته، والإفراد أخصر.

قوله: (فقال: (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ) يتعلق بقوله: ((وصف اليهود)) يعني: أراد أن يصفهم بالبخل فقال: (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ)، وبالحسد فقال: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>