للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ) الآية: ومن يكفر بشيءٍ من ذلك (فَقَدْ ضَلَّ)؛ لأن الكفر ببعضه كفر بكله، ألا ترى كيف قدم الأمر بالإيمان به جميعاً!

[(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً)].

(لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا): نفى للغفران والهداية، وهي اللطف على سبيل المبالغة التي تعطيها اللام،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ومن يكفر بشيء من ذلك) أي: من المذكور من قوله: {بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}، يريد أن قوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ} تذييل للكلام السابق وتأكيدٌ له؛ فيجب أن يكون جميع الكفر منفياً فيه ومنهياً عنه، كما أن المأمور في المذيل الإيمان بجميع ما يجب الإيمان به، وإليه الإشارة بقوله: "ألا ترى كيف قدم الأمر بالإيمان به جميعاً؟ " والضمير في "به" للمذكور، وليس به لما أنه لم يذكر فيه الإيمان بالملائكة واليوم الآخر. وأجيب أن الإيمان بالكتب المنزلة إيمانٌ بالملائكة الذين نزلوا بها- ولذلك كرر "نزَّلَ" - وإيمانٌ باليوم الآخر لاشتمال الكتب عليه.

قوله: (على سبيل المبالغة التي تعطيها اللام). هذا يؤذن أن اللام زيدت في خبر "كان" لتأيد النفي على المذهب الكوفي، وطعن فيه أبو البقاء وقال في إعراب قوله: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ} [آل عمران: ١٧٩]: خبر {كَانَ} محذوف، أي: ما كان الله مُريداً لأن يذر، ولا يجوز أن يكون الخبر {لِيَذَرَ}؛ لأن الفعل بعد اللام ينتصب بـ "أن" فيصير التقدير: ما كان الله ليترك المؤمنين على ما أنتم عليه، وخبرُ "كان" هو اسمها في المعنى، وليس المترك هو الله تعالى. وقال الكوفيون اللام زائدة والخبر هو الفعل، وهو ضعيف؛ لأن ما بعدها قد انتصب، فإن كان النصب باللام نفسها فليست بزائدة، وإن كان بـ "أن" ففاسد.

وقال صاحب "الإقليد" في جواب سؤال مشتمل على هذا المعنى: قولك: لم أكن

<<  <  ج: ص:  >  >>