للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأن له مكاناً في باب الخير وسيطاً. والدليل على أن العفو هو الغرض المقصود بذكر إبداء الخير وإخفائه قوله فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً أي: يعفو عن الجانين مع قدرته على الانتقام، فعليكم أن تقتدوا بسنة اللَّه.

[(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً* أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً)].

جعل الذين آمنوا باللَّه وكفروا برسله، أو آمنوا باللَّه وببعض رسله وكفروا ببعض كافرين باللَّه ورسله جميعا لما ذكرنا من العلة، ومعنى اتخاذهم بين ذلك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وسيطاً) يقال: فلان وسيط في قومه: إذا كان أوسطهم نسباً وأرفعهم محلاً.

قوله: (وجعل الذين آمنوا بالله وكفروا برسله) يريد أن قوله: {وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ} عطف تفسيري على قوله: {يَكْفُرُونَ}؛ لأن هذه الإرادة عين الكفر بالله؛ لأن من كفر برسل الله كفر بالله، كالبراهمة. وأما قوله: {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ} فعطف على صلة الموصول، والواو بمعنى "أو" التنويعية، فالأولون فرقوا بين الإيمان بالله ورسله، والآخرون فرقوا بين رسل الله فآمنوا ببعض وكفروا ببعض كاليهود، ثم جمع بين كفر المشركين وكفر أهل الكتاب في قوله: {أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقّاً}؛ وقد مر في البقرة في قوله: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة ١٩٦] أن الواو قد تجيء بمعنى "أو".

قوله: (كافرين بالله ورسله جميعا) هو ثاني مفعولي "جعل"، وفي قوله: "لما ذكرنا من العلة" إشارة إلى قوله- في تفسير قوله تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ} إلى قوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ} [النساء: ١٣٦]-: "لأن إيمانهم ببعض الكتب لا يصح إيمانا"، إلى قوله: "وهذا الذي أراده عز وجل في قوله: {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} "، وبيان التعليل أن قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>