وإن من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمننّ به. ونحوه:(وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ)[الصافات: ١٦٤]، (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها)[مريم: ٧١]. والمعنى: وما من اليهود والنصارى أحدٌ إلا ليؤمننّ قبل موته بعيسى، وبأنه عبد اللَّه ورسوله، يعني: إذا عاين قبل أن تزهق روحه حين لا ينفعه إيمانه؛ لانقطاع وقت التكليف. وعن شهر بن حوشب: قال لي الحجاج: آية ما قرأتها إلا تخالج في نفسي شيء منها، يعني هذه الآية، وقال إني أوتى بالأسير من اليهود والنصارى فأضرب عنقه، فلا أسمع منه ذلك، فقلت: إن اليهودي إذا حضره الموت ضربت الملائكة دبره ووجهه، وقالوا: يا عدوّ اللَّه أتاك موسى نبياً فكذبت به، فيقول: آمنت أنه عبد نبىّ. وتقول للنصراني: أتاك عيسى نبياً فزعمت أنه اللَّه أو ابن اللَّه، فيؤمن أنه عبد اللَّه ورسوله حيث لا ينفعه إيمانه، قال: وكان متكئاً فاستوى جالساً فنظر إليّ وقال: ممن؟ قلت: حدثني محمد بن عليّ بن الحنفية. فأخذ ينكت الأرض بقضيبه، ثم قال: لقد أخذتها من عينٍ صافية، أو من معدنها. قال الكلبي: فقلت له: ما أردت إلى أن تقول: حدثني محمد بن عليّ بن الحنفية. قال: أردت أن أغيظه، يعني بزيادة اسم عليّ؛ لأنه مشهور بابن الحنفية. وعن ابن عباس: أنه فسره كذلك، فقال له عكرمة: فإن أتاه رجل فضرب عنقه؟ قال: لا تخرج نفسه حتى يحرّك بها شفتيه، قال: وإن خرّ من فوق بيتٍ أو احترق أو أكله سبع؟ قال: يتكلم بها في الهواء ولا تخرج روحه حتى يؤمن به. وتدل عليه قراءة أُبيّ:(إلا ليؤمننّ به قبل
قوله: (وإن من أهل الكتاب أحدٌ إلا ليؤمنن به) أي: ليس من أهل الكتاب أحد يتصف بصفة ما إلا بأن يقال في حقه: والله ليؤمنن به؛ لأن الجملة القسمية الإنشائية لا تقع صفة إلا بالتأويل.
قوله:(ما أردت إلى أن تقول) أي: ما أنهى إرادتك إلى قولك، كما تقول: أرغب على الله، أي: أنهى رغبتي إلى الله.
قوله:(وتدل عليه قراءة أُبيٍّ) على أن المعنى: وما من اليهود والنصارى أحدٌ إلا ليؤمنن