موتهم) بضم النون على معنى: وإن منهم أحد إلا سيؤمنون به قبل موتهم، لأنّ أحداً يصلح للجمع. فإن قلت: ما فائدة الإخبار بإيمانهم بعيسى قبل موتهم؟ قلت: فائدته الوعيد، وليكون علمهم بأنهم لا بدّ لهم من الإيمان به عن قريب عند المعاينة، وأن ذلك لا ينفعهم؛ بعثاً لهم وتنبيهاً على معاجلة الإيمان به في أوان الانتفاع به، وليكون إلزاماً للحجة لهم، وكذلك قوله:(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً): يشهد على اليهود بأنهم كذبوه، وعلى النصارى بأنهم دعوه ابن اللَّه.
وقيل: الضميران لعيسى، بمعنى: وإن منهم أحد إلا ليؤمننّ بعيسى قبل موت عيسى، وهم أهل الكتاب الذين يكونون في زمان نزوله.
روي: أنه ينزل من السماء في آخر الزمان، فلا يبقى أحدٌ من أهل الكتاب إلا يؤمن به، حتى تكون الملة واحدة، وهي ملة الإسلام، ويهلك اللَّه في زمانه المسيح الدجال، وتقع الأمنة حتى ترتع الأسود مع الإبل، والنمور مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات، ويلبث في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه. ويجوز أن يراد أنه لا يبقى أحد من جميع أهل الكتاب إلا ليؤمننّ به على أن اللَّه يحييهم في قبورهم في ذلك الزمان، ويعلمهم نزوله وما أنزل له، ويؤمنون به حين لا ينفعهم إيمانهم.
وقيل: الضمير في: (بِهِ) يرجع إلى اللَّه تعالى. وقيل: إلى محمد صلى اللَّه عليه وسلم.
به قبل موته بعيسى؛ لأن هذا القارئ صرح بأن الضمير في موته للقوم، وفائدته ترجيح هذا القول على القول الآتي.
قوله:(وقيل: الضميران لعيسى عليه الصلاة والسلام، بمعنى: وإن منهم أحد إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى) أي: حين نزوله. الانتصاف: يُبعده قوله: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً} ظاهره التهديد، فكيف يهدد من آمن حين ينفع الإيمان؟ ويجوز أن لا يراد التهديد، كما قال في حق هذه الأمة:{وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً}[النساء: ٤١].