للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦١) لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً)].

(فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا) فبأي ظلم منهم. والمعنى: ما حرمنا عليهم الطيبات إلا لظلمٍ عظيمٍ ارتكبوه، وهو ما عدّد لهم من الكفر والكبائر العظيمة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ما حرمنا عليهم الطيبات إلا لظُلمٍ عظيم). الحصر مستفاد من تقديم الجار والمجرور على العامل، والتعظيم من التنكير.

قوله: (وهو ما عدد لهم من الكفر والكبائر العظيمة). اعلم أنه قرر أولاً أن الباء في {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} [النساء: ١٥٥]: إما يتعلق بمحذوف؛ أي: فعلنا بهم ما فعلنا، وغما مُتعلقٌ بـ {حَرَّمْنَا} على أن قوله: {فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا} بدلٌ من قوله: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ}. قال أبو البقاء: وتكرار الفاء في البدل لطول الكلام. فقوله: "وهو ما عدد لهم من الكفر والكبائر" إشارة إلى أن البدل هو المختار، فيلزم أن كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وبعيسى عليه الصلاة والسلام أيضاً موجبات لتحريم الطيبات، وقد صرح الواحدي به حيث قال: وصدوا عن دين الله وعن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، فحرم الله عليهم عقوبة لهم ما ذكر في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} الآية [الأنعام: ١٤٦]، وعلى ما فسر المصنف الصد في هذا المقام لا يُفهم ذلك ولا يدفعه فهو مبهم؛ لكن يلزم ذلك من الإبدال، والظاهر إنما حرم عليهم ذلك في شريعة موسى عليه الصلاة والسلام يدل عليه قوله: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ} [آل عمران: ٩٣]. قال المصنف: "وهو رد على اليهود وتكذيب لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>