للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و"نبأنا" وما أشبه ذلك. أو بما فسره (قصصناهم). وفي قراءة أبيّ: (ورسل قد قصصناهم عليك من قبل ورسل). وعن إبراهيم ويحيى بن وثاب: أنهما قرءا: (وَكَلَّمَ اللَّهُ) بالنصب. ومن بدع التفاسير أنه من الكلم، وأن معناه وجرّح اللَّه موسى بأظفار المحن ومخالب الفتن. (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ): الأوجه أن ينتصب على المدح. ويجوز انتصابه على التكرير. فإن قلت: كيف يكون للناس على اللَّه حجة قبل الرسل، وهم محجوجون بما نصبه اللَّه من الأدلة التي النظر فيها موصل إلى المعرفة، والرسل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ} من التقسيم الحاضر مزيداً لشرفه واختصاصه بوصف التكلم دونهم، أي: رسلاً فضلهم واختارهم وآتاهم الآيات البينات والمعجزات الباهرات إلى ما لا يُحصى، وخص موسى بالتكليم؛ ولذلك اختير في {رُسُلاً} أن يكون مطلقاً، وثلث ذكرهم على أسلوب يجمعهم في وصف عام على جهة المدح والتعظيم سار في غيرهم، وهو ونهم مبشرين ومنذرين، وجعلهم حجة الله على خلقه طُرًّا لقطع معاذيرهم، فيدخل في هذا القسم كل من دعا إلى هدى وبشر وأنذر كالعلماء؛ فظهر من هذا التقدير طبقات الداعين إلى الله بأسرهم، فالآية بدلالة عبارتها صريحة في التسلية؛ لأن الخطاب بقوله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} مطابق لقوله: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [النساء: ١٥٣]، وقد سبق أن وروده للتسلية، وبدلالة إشارتها مبنية على الاحتجاج؛ ولذلك قال: "واحتجاج عليهم بأن شأنه في الوي كشأن سائر الأنبياء".

قوله: (ومن بدع التفاسير)، وإنما كان بدعاً لأن الكلام على ما سبق واردٌ في شان الوحي والكتاب المنزل؛ فلا يدخل فيه هذا المعنى.

قوله: (الوجه أن ينتصب على المدح)، يعني: في نصب {رُسُلاً} وجهان؛ أحدهما: التكرير، وهو أن يعلق به ثانياً ما لم يعلق به أولاً من المعنى، وثانيهما: النصب على المدح، وأنت تعلمُ أن الشرط فيه أن يكون الممدوح مشهوراً معروفاً بصفات الكمال، ويكون هذا الوصف المذكور منتهى في بابه، فكم بين الاعتبارين!

قوله: (وهم محجوجون بما نصبه الله من الأدلة التي النظر فيها موصل إلى المعرفة)

<<  <  ج: ص:  >  >>