وإذا جعل بمعنى الشرك، يجب أن يعطف على {خَلَقَ السَّمَوَاتِ {، لأن كفرهم بتسويتهم الأصنام بخالق السموات والأرض، كقوله تعالى حكايةً عن قول الكفار يوم القيامة: {تَاللَّهِ إن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ (٩٧) إذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ العَالَمِينَ {[الشعراء: ٩٧ - ٩٨]. و {يَعْدِلُونَ {على هذا بمعنى:"يسوون"، ليستقيم معنى الشرك، والباء متعلق به. وإليه الإشارة بقوله:"خلق ما خلق" إلى آخره.
وإلى الوجهين ينظر معنى الحديث الذي أورده المصنف في البقرة في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ {[البقرة: ١٧٢]، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إني والجن والإنس في نبأٍ عظيمٍ: أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر غيري".
وعلى الوجهين قوله: {رَبِّهِمْ {مظهر أقيم مقام المضمر، للعلية.
وعلى الأول معناه: التربية، وعلى الثاني: المالكية والقهر، و {الْحَمْدُ {على الأول: محمول على الشكر اللساني، وعلى الثاني: الثناء على الجميل.
قال صاحب "الانتصاف": في العطف على قوله: {خَلَقَ السَّمَوَاتِ {نظر؛ لأن العطف على الصلة يوجب الدخول في حكمها. ولو قلت: الحمد لله الذي الذين كفروا بربهم يعدلون؛ لم يستقم. ويحتمل أن يقال: وضع الظاهر موضع المضمر تفخيماً، ونظيره: {لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ {[آل عمران: ٨١] فيمن جعلها موصولةً لا شرطية.
يريد أن "ما" في قوله تعالى: {لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ