للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما أشبه ذلك؛ فما أوجب التقديم؟ قلت: أوجبه أن المعنى: وأي أجلٍ مسمى عنده! تعظيماً لشأن الساعة، فلما جرى فيه هذا المعنى وجب التقديم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقريب منه عن صاحب "المثل السائر".

ورد في التنزيل: {إنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وتِسْعُونَ نَعْجَةً ولِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ {[ص: ٢٣]. فلفظة: {لي {مقدمة جاءت حسنة، وإذا جاءت منقطعةً لا تجيء لائقة، كقول المتنبي:

تمسي الأماني صرعى دون مبلغه … فلا يقول لشيءٍ: ليت ذلك لي

وإذا خولف الاستعمال، وأزيل من مقره، دل على الاهتمام بشأنه، والاعتناء بذكره، فيحمل التنكير فيه على التعريف والتعظيم. فقال: "وأي أجل مسمىٍ عنده"، ليؤذن بالفرق بين الأجلين. ومن ثم أتم معنى التخصيص بتعظيم قوله: {عِندَهُ {وحسن كذلك أن يوقف على {أَجَلاً {.

قال صاحب "المرشد": وحسن الوقف على قوله: {أَجَلاً {ليفصل بينه وبين الآخر، وهو البعث والنشور.

قوله: (وأي أجل مسمى عنده): بيان لمعنى التنكير والتهويل فيه، لا أن الكلام متضمن لمعنى الاستفهام كما ظن: قال المصنف في قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ {[البقرة: ٥]: "نكر {هُدًى {ليفيد ضرباً مبهماً لا يبلغ كنهه، كأنه قيل: على أي هدى".

فظهر من هذا الفرق بين قول صاحب "المفتاح": ولا يجب التقديم على المنكر إذا كان موصوفاً، وبين قول صاحب "الكتاب": (أوجبه أن المعنى: وأي أجلٍ مسمى عنده! تعظيماً)،

<<  <  ج: ص:  >  >>