(إلا كانوا عنه معرضين): تاركين للنظر لا يلتفتون إليه ولا يرفعون به رأساً، لقلة خوفهم وتدبرهم للعواقب.
(فَقَدْ كَذَّبُوا) مردودٌ على كلامٍ محذوف، كأنه قيل: إن كانوا معرضين عن الآيات، فقد كذبوا بما هو أعظم آيةٍ وأكبرها، وهو الحق، (لَمَّا جاءَهُمْ) يعني: القرآن الذي تحدّوا به على تبالغهم في الفصاحة فعجزوا عنه، (فَسَوْفَ يَاتِيهِمْ أَنْباءُ) الشيء الذي (كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) وهو القرآن، أي: أخباره وأحواله، بمعنى: سيعلمون بأي: شيءٍ استهزؤوا، وسيظهر لهم أنه لم يكن بموضع استهزاء، وذلك عند إرسال العذاب عليهم في الدنيا أو يوم القيامة، أو عند ظهور الإسلام وعلوّ كلمته.
قوله:(مردود على كلامٍ محذوف)، أي: شرطٍ محذوف، ونحوه قول الشاعر:
قالوا: خراسان أقصى ما يراد بنا … ثم القفول، فقد جئنا خراسانا
أي: إن صح ما قلتم من أن خراسان المقصد، فقد جئنا، وأين لنا الخلاص؟
قوله:(أو عند ظهور الإسلام). فإن قلت: اتصال قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم {بما قبله على أن المراد بالأنباء في قوله: {فَسَوْفَ يَاتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ {ظاهر، لمناسبة الاعتبار بنزول العذاب على الأمم السالفة بالتهديد والوعيد. فما وجه اتصاله به إذا أريد به ما قال:"عند ظهور الإسلام"؟