وقيل: بقوله: (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ البَطلَ)، واستغاثتهم: أنهم لما علموا أنه لا بدَّ من القتال، طفقوا يدعون الله ويقولون: أي ربنا، انصرنا على عدوّك، يا غياث المستغيثين أغثنا.
وعن عمر رضي الله عنه: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى المشركين وهم ألف، وإلى أصحابه وهم ثلاث مئة، فاستقبل القبلة ومدّ يديه يدعو:" اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض، فما زال كذلك حتى سقط رداؤه، فأخذه أبو بكر فألقاه على منكبه والتزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك.
(أَنِّي مُمِدُّكُمْ) أصله: بأني ممدكم، فحذف الجار وسلط عليه "استجاب" فنصب محله. وعن أبى عمرو أنه قرأ: " أَنِّي مُمِدُّكُمْ" بالكسر؛ على إرادة القول، أو على إجراء استجاب مجرى "قال" لأنّ الاستجابة من القول.
قوله:(وقيل: بقوله) أي: يتعلق (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ) بقوله: (وَيُحِقُّ الْحَقّ)، وقيل: هذا أوجه من أن يكون بدلاً، لأن زمان الوعد غير زمان الاستغاثة، إلا على تأويل أن الوعد والاستغاثة وقعاً في زمان واسع، كما تقول: لقيته سنة كذا. وهذا أبلغ؛ لتكرير التذكير لمزيد الامتنان والتعبير لما وُجد منهم من الكراهة والخوف، كما سبق في قوله:(إِذْ يَخْتَصِمُونَ * إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ) في "آل عمران" [الآية ٤٤ - ٤٥].
قوله:(اللهم أنجز لي ما وعدتني): عن مُسلم وأحمد والترمذي عن عمر رضي الله عنه قال: "لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاث مئة وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل القبلة، ثم مد يده، فجعل يهتف بربه، يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني" الحديث.