فإن قلت: هل قاتلت الملائكة يوم بدر؟ قلت: اختلف فيه، فقيل: نزل جبريل في خمس مئة ملك على الميمنة، وفيها أبو بكر رضي الله عنه، وميكائيل في خمس مئة على الميسرة، وفيها علىّ بن أبى طالب رضي الله عنه، في صور الرجال، عليهم ثياب بيض وعمائم بيض، قد أرخوا أذنابها بين أكتافهم، فقاتلت.
وقيل: قاتلت يوم بدر، ولم تقاتل يوم الأحزاب ويوم حنين.
وعن أبى جهل أنه قال لابن مسعود: من أين كان ذلك الصوت الذي كنا نسمع ولا نرى شخصا؟ قال: من الملائكة، فقال أبو جهل: هم غلبونا، لا أنتم. وروى: أنّ رجلاً من المسلمين بينما هو يشتد في أثر رجل من المشركين، إذ سمع صوت ضربة بالسوط فوقه، فنظر إلى المشرك قد خر مستلقيا وشقّ وجهه، فحدث الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"صدقت، ذاك من مدد السماء". وعن أبى داود المازني: تبعت رجلا من المشركين لأضربه يوم بدر، فوقع رأسه بين يدي قبل أن يصل إليه سيفي.
وقيل: لم يقاتلوا، وإنما كانوا يكثرون السواد ويثبتون المؤمنين، وإلا فملك واحد كاف في إهلاك أهل الدنيا كلهم، فإنّ جبريل عليه السلام أهلك بريشة من جناحه مدائن قوم لوط، وأهلك بلاد ثمود قوم صالح بصيحة واحدة.
وقرئ (مُرْدِفِينَ) بكسر الدال وفتحها، من قولك: ردفه: إذا تبعه، ........