(وَما كانَ لِنَفْسٍ) يعنى: من النفوس التي علم أنها تؤمن، (إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) أي: بتسهيله، وهو منح الألطاف، (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) قابل الإذن بالرجس، وهو الخذلان، والنفس المعلوم إيمانها بالذين لا يعقلون، وهم المصرون على الكفر، كقوله:(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ)[البقرة: ١٧١]، وسمى الخذلان رجسا -وهو العذاب- لأنه سببه. وقرئ:"الرجز"، بالزاي، وقرئ "ونجعل" بالنون.
قوله:(قابل الإذن بالرجس، وهو الخذلان، والنفس المعلوم إيمانها بالذين لا يعقلون): يُريد: أن الآية من باب المقابلة، وذلك أن الإذن لما كان معبراً عن التسهيل، وهو من الله التوفيق ومنح الألطاف، ووقع مقابلاً للرجس، ينبغي أن يفسر "الرجس" الذي يُراد به العذاب بالخذلان؛ لأن الخذلان سبب العاب، وإليه الإشارة بقوله:"وسمي الخذلان رجساً- وهو العذاب- لأنه سببه".
انظر إلى هذا التعسف والانحراف عن محجة الصواب، أين التقابل؟ أم كيف يموه قوله:(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ) بهذا التأويل؟ ! وهو مثل قوله تعالى:(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ)[آل عمران: ١٤٥]، وقد قال:"إن موت الأنفس محال أن يكون إلا بمشيئة الله، فأخرجه مخرج فعل لا ينبغي لأحد أن يُقدم عليه إلا بغذن الله تمثيلاً"، وقد سبق بيان المبالغة فيه.