للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأذرعات سبع قوافل ليهود بني قريظة والنضير، فيها أنواع البز والطيب والجوهر وسائر الأمتعة، فقال المسلمون: لو كانت هذه الأموال لنا لتقوّينا بها، ولأنفقناها في سبيل الله، فقال لهم الله عز وعلا: لقد أعطيتكم سبع آيات هي خير من هذه القوافل السبع (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) أي: لا تتمنّ أموالهم ولا تحزن عليهم أنهم لم يؤمنوا فيتقوّى بمكانهم الإسلام وينتعش بهم المؤمنون، وتواضع لمن معك من فقراء المؤمنين وضعفائهم، وطب نفساً عن إيمان الأغنياء والأقوياء، (وَقُلْ) لهم: (إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) أنذركم ببيان وبرهان أنّ عذاب الله نازل بكم.

[(كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ * الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)].

فإن قلت: بم تعلق قوله: (كما أنزلنا)؟ قلت: فيه وجهان:

أحدهما: أن يتعلق بقوله: (ولقد آتيناك) [الحجر: ٨٧]، أي: أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب، وهم المقتسمون (الذين جعلوا القرآن عِضِينَ) حيث قالوا بعنادهم وعدوانهم بعضه حق موافق للتوراة والإنجيل، وبعضه باطل مخالف لهما، فاقتسموه إلى حق وباطل، وعضوه. وقيل: كانوا يستهزئون به فيقول بعضهم: سورة البقرة لي، ويقول الآخر: سورة آل عمران لي. ويجوز أن يراد بالقرآن: ما يقرءونه من كتبهم، وقد اقتسموه بتحريفهم، وبأنّ اليهود أقرّت ببعض التوراة وكذبت ببعض، والنصارى أقرت ببعض الإنجيل وكذبت ببعض،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وعضوه) بفتح الضاد، أي: جعلوا القرآن أعضاء، أي: أجزاء، قيل: أمر الله أن يكونوا لرسول الله مُعزين فكانوا عليه عزين، وأن يجعلوا القرآن عظات، فجعلوه عضين.

قوله: (وقيل: كانوا يستهزئون به) عطف على قوله: "قالوا بعنادهم وعُدوانهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>