(بِما فِي نُفُوسِكُمْ) بما في ضمائركم من قصد البر إلى الوالدين واعتقاد ما يجب لهما من التوقير إِنْ (تَكُونُوا صالِحِينَ) قاصدين الصلاح والبر، ثم فرطت منكم - في حال الغضب، وعند حرج الصدر وما لا يخلو منه البشر، أو لحمية الإسلام - هنة تؤدّى إلى أذاهما، ثم أنبتم إلى الله واستغفرتم منها، فإن الله غفور
قوله:(إن من أبر البر) الحديث من رواية مسلم والترمذي وأبي داود، عن ابن عمر، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أبر البر صلة الرجل أهل وُد أبيه بعد أن تولى",
قوله:(من قصد البر)، بيان لـ"ما في ضمائركم"، وإنما خصه ببر الوالدين، وهو عام، لما سبق من التوصية بهما، وفصل قوله:(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ) عما قبله للاستئناف على سبيل التعليل، أي: أحسنوا إليهما؛ لأن ربكم أعلمُ بما في نفوسكم من قصد البر فلا تقصروا فيه، وابذلوا جُهدكم وطاقتكم، فإنه يجازيكم على إحسانكم، ثم اتجه لهم أن يقولوا: نحن بشرٌ ربما يفرط منا فرطات وتسبق هنات من غير اختيار منا في بعض الأوقات، فكيف يكون حالنا؟ فقيل:(إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ)، أي: قاصدين الصلاح، فإن الله غفور بكم.
ولما كان قوله:(فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً) جزاء لقوله: (إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ) ولم يستقم بظاهره أن يكون مسبباً عنه؛ لأن الغفران يستدعي الذنب، لا جرم قدر ما يقتضيه المقام منقوله:"ثم فرطت منكم" إلى قوله: "ثم أبتم إلى الله تعالى واستغفرتم منها".
قوله:(هنه). الجوهري: في فلانٍ هناتٌ، أي: خصلات شر، ولا يقال ذلك في الخير.