والمستثنى منه لتوكيد مضمون الجملة وكالتعليل لها. والواو للاستئناف لا محيد عنه، لورودها على التأكيد، وتعريف الخبر بلام الجنس المؤذن بكمال هذا المعنى فيهم، وتوسط ضمير الفصل المقيد للحصر. وكل هذا ينافي العطف، مع أن الجملتين السابقتين إنشائيتان، ولذلك جعل الإمام الشافعي الاستثناء متعلقًا به:{وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} كما قال.
وقال ابن الحاجب في "الأمالي": رجوع الاستثناء إلى الجمل كلها ليس بمستقيم، أما الجلد فلم يرجع إليه بالاتفاق، وأما قوله:{وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}، فإنما جيء به لتقرير تعليل منع الشهادة، فلم يبق إلا قوله:{وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا}.
وينصر هذا القول فعل عمر رضي الله تعالى عنه، وإجماع فقهاء التابعين على ما روينا في "صحيح البخاري": جلد عمر رضي الله عنه عنه أبا بكرة وشبل ابن معبد ونافعًا بقذف المغيرة، ثم استتابهم وقال: من تاب قبلت شهادته. وأجازه عبد الله بن عتبة، وعمر بن عبد العزيز، وسعيد بن جبير، وطاووس، ومجاهدٌ والشعبي، وعكرمة، والزهري، ومحارب، وشريح، ومعاوية بن قرة.
قال بعض الناس: لا تجوز شهادة القاذف وإن تاب، ثم قال: لا يجوز نكاحٌ بغير شاهدين، وإن تزوج بشهادة محدودين: جاز. وإن تزوج بشهادة عبدين: لم يجز، وأجاز شهادة المحدود والعبد والأمة لرؤية هلال رمضان.