للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فينقلبون غير مجلودين ولا مردودين ولا مفسقين. فإن قلت: الكافر يقذف فيتوب عن الكفر فتقبل شهادته بالإجماع، والقاذف من المسلمين يتوب عن القذف فلا تقبل شهادته عند أبي حنيفة! كأن القذف مع الكفر أهون من القذف مع الإسلام! قلت: المسلمون لا يعبؤون بسبب الكفار، لأنهم شهروا بعداوتهم والطعن فيهم بالباطل، فلا يلحق المقذوف بقذف الكافر من الشين والشنار ما يحلقه بقذف مسلم مثله، فشدد على القاذف من المسلمين، ردعاً وكفًأ عن إلحاق الشنار. فإن قلت: هل للمقذوف أو للإمام أن يعفو عن حد القاذف؟ قلت: لهما ذلك قبل أن يشهد الشهود ويثبت الحد، والمقذوف مندوبٌ إلى أن لا يرافع القاذف ولا يطالبه بالحد. ويحسن من الإمام أن يحمل المقذوف على كظم الغيظ، ويقول له: أعرض عن هذا ودعه لوجه الله، قبل ثبات الحد، فإذا ثبت لم يكن لواحدٍ منهما أن يعفو، لأنه خالص حق الله، ولهذا لم يصح أن يصالح عنه بمال. فإن قلت: هل يورث الحد؟ قلت: .....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (المسلمون لا يعبؤون بسبب الكفار) إلى آخره، قال: صاحب "الفراند": أبو حنيفة لا يحتاج إلى هذا الجواب الضعيف، والكافر إنما قبلت شهادته بعد الإسلام، لأن هذه الشهادة غير شهادة الكفر، لأنها مستفادٌة من الإسلام، فلم تدخل تحت الرد، ويدل عليه أن شهادته مقبولةٌ بعد الإسلام على المسلم والذمي، وتلك الشهادة غير مقبولةٍ على المسلم، ولو كان كما قال، وهو عدم لحوق الشين، لوجب أن لا يحد، لعدم اعتبار قذفه.

قوله: (والشنار)، النهاية: الشنار: العيب والعار. وقيل: هو العيب الذي فيه عارٌ، من: شنر عليه، أي: عابه وطعن فيه.

قوله: (لأنه خالص حق الله تعالى)، عن بضعهم: حد القذف مما اجتمع فيه الحقان، وحق الله تعالى غالبٌ أو حق العبد غالبٌ على قول بعض أصحابنا، ولم يقل أحدٌ بما قاله المصنف عرف في أصول الفقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>