للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنه، والدخول في الملة الحنيفية، واتباع ما أنزل علىّ من الوحي، فمنفعة اهتدائه راجعة إليه لا إلىّ (وَمَنْ ضَلَّ) ولم يتبعني فلا علىّ، وما أنا إلا رسول منذر، وما على الرسول إلا البلاغ. ثم أمره أن يحمد الله على ما خوّله من نعمة النبوّة التي لا توازيها نعمة، وأن يهدّد أعداءه بما سيريهم الله من آياته التي تلجئهم إلى المعرفة، والإقرار بأنها آيات الله. وذلك حين لا تنفعهم المعرفة. يعني في الآخرة. عن الحسن وعن الكلبي: الدخان، وانشقاق القمر. وما حلّ بهم من نقمات الله في الدنيا. وقيل: هو كقوله: (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ) [فصلت: ٥٣]. وكل عمل يعملونه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على الحصر، ووضع موضع حرف النفي الاستفهام، تأكيدًان أمر حبيبه صلوات الله عليه بخويصة نفسه من الاشتغال بعبادة ربه، فاختار له من الأمكنة أفضل البقاع، وخصها من الأوصاف ما كل وصفٍ دونها كما قال، وجعل دخول كل شيءٍ تحت ملكوته كالتابع لدخولها تحته.

ومن الملة خير الملل وأقومها، {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: ٨٥].

ومن الكتب أسمى الكتب وأسناها، {إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: ٩]، ثم أمر بعد ذلك كله بالتحميد حمدًا على ما أولاه من نعم التبليغ، واستفراغ الطوق والجهد فيه، ومن اختصاص الله بالعبادة في أشرف البقاع، ومن الدخول في الملة الحنيفية، ومن تلاوة هذا الكتاب الكريم، ثم طبع الكتاب بالتهديد بقوله: {سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا}، يعني: حين أعرضوا عن واعظ الله، وأمرنا الرسول بالمتاركة، سنفرغ لهم وحدنا، ونلجئهم إلى المعرفة والإقرار بآياتنا حين لا تنفعهم المعرفة، كقوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ (٣١) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ٣١ - ٣٢]، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

قوله: (وقيل: هو كقوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ}، أي: لا يكون للتهديد بل للاستدلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>