لا بنِكِ حُبًّا ما وجَدَتُ مثلَه فاحفظيه، فلمّا خَرَجتْ جاءَ عيونُ فرعون، فلفَّتُه في خِرقةٍ ووضعَتْه في تَنُّورٍ مَسجُور، لم تعلمْ ما تصنعُ لمِا طاشَ من عقلِها، فطلبوا فلم يُلفُوا شيئًا، فخرجوا وهي لا تدري مكانَه، فسمعت بُكاءَه من التَّنُّور، فانطلقت إليه وقد جعلَ الله النّارَ عليه بَرْدًا وسلامًا. فلمّا ألحَّ فرعونُ في طَلَبِ الوِلْدانِ أوحى الله إليها فألقَتْه في اليمِّ. وقد رُوِيَ أنَّها أرضعتْه ثلاثةَ أشهُرٍ في تابُوتٍ من بَرْديٍّ مطليٍّ بالقار من دخِلِه.
اللاّم في {ليَكُونَ} هي لامُ كيْ؛ الّتي معناها التَّعليل، كقولِك: جئتُك لتُكرِمَني سواءً بسواءٍ ولكنّ معنى التَّعليلِ فيها وارِدٌ على طريقِ المجازِ دُونَ الحقيقة، لأنه لم يكُنْ داعيهم إلى الالتقاطِ لهم عدُوًّا وحَزَنًا، ولكن: المحبةُ والتَّبَنِّي، غيرَ أنّ ذلك لمّا كان نتيجةَ التقاطِهم له وثمرتَه، شُبِّهَ بالدّاعي الّذي يَفعلُ الفاعِلُ الفعلَ لأجلِه، وهو الإكرامُ الذي هو نتيجةُ المجيء، والتّأدّبُ الذي هو ثمرةُ الضَّربِ في قولِك: ضربته ليتأدّب. وتحريره: أنّ هذه اللّامَ حكمُها حُكْمُ الأسد، حيثُ استُعيرتْ لِمَا يُشبِهُ التّعليل، كما يُستعارُ الأسدُ لِمَنْ يُشبِهُ الأسد