رويَ أنَّهم حينَ التَقطوا التّابوتَ عالجُوا فتْحَة، فلمْ يقدِرُوا عليه، فعالجوا كَسْرَهُ فأعياهُم، فدنتْ آسيةُ فرأت في جَوفِ التّابوتِ نُورًا، فعالجتْهُ ففتحته، فإذا بصَبِيِّ نورُه بينَ عينَيْه وهو يمُصُّ إِبهامَه لبنًا فأحَبُّوه، وكانت لفرعونَ بنتٌ بَرصاء، وقالتْ له الأطباء: لا تبرأُ إلاّ من قِبَلِ البحر، يوجدُ فيه شِبهُ إنسانٍ دواؤُها ريقُه، فلطَّختِ البرصاءُ بَرَصَها بريقِه فَبَرأت. وقيل: لمّا نظرت إلى وجهِه بَرَأت، فقالت: إنّ هذه لنَسمةٌ مباركة، فهذا أحدُ ما عَطَفَهم عليه، فقالَ الغُواةُ من قومِه: هو الصَّبيُّ الذي نحذرُ منه، فَاذَن لنا في قتلِه، فهَمَّ بذلك فقالت آسيةُ {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} فقالَ فرعون: لكِ لا لي. وروي في حديث:((لو قالَ هوَ قرّةُ عينٍ لي كما هُوَ لَكِ، لهداهُ الله كما هداهَا))، وهذا على سبيلِ الفَرْضِ والتّقدير، أي: لو كانَ غيرَ مطبوعٍ على قلبِه كآسية؛ لقالَ مثلَ قولِها، ولأَسْلَم كما أسلمت، هذا -إن صحَّ الحديثُ- تأويلُه، والله أعلمُ بصحَّتِه. ورُويَ أنَّها قالتْ له: لعلَّه من قومٍ آخرينَ ليسَ من بني إسرائيل.