للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[{وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} ١٠ - ١١]

{فَارِغًا} صِفرًا من العقل. والمعنى: أنّها حينَ سمعتْ بِوقُوعِه في يدِ فرعونَ طارَ عقلُها لِما دَهِمَها من فَرْطِ الجَزَع والدَّهَش. ونحوُه قولُه تعالى: {وَأَفْدَتُهُمْ هَوَآءٌ} [إبراهيم: ٤٣] أي: جُوَّفٌ لا عُقُول فيها، ومنهُ بيتُ حسّان:

ألا أَبْلِغْ أبا سُفْيانَ عَنِّي … فأنت مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويؤيِّدُه قولُه تعالى: {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَاخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ,} [طه: ٣٩]؛ حيثُ جعلَ {يَاخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَّهُ,} جوابًا للأمر، ومسبّبًا عنِ الإلقاء. وقدْ سبقَ قُبَيْلَ هذا في كلامِ المصنَّفِ ما يعضُدُ هذا المعنى، ونبّهْناكَ عليه. فعلى هذا قولُه: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى} عطفٌ على مُقدّراتٍ شَتّى بحسَبِ ما يقتَضيهِ الحالُ والقِصّة. وأقول: ما أحسَنَ نظْمَ هذا الكلامِ عندَ المرتاضِ بعِلْمِ محاسن النّظم، وما أظْهَرَهُ مِنْ سُلطانٍ على القولِ بالقضاءِ والقَدَر، والمصنفُ لو تنبَّه على هذه الدقيقة لما نبَّهنا عليها، والجملة على ذلك.

قولُه: (أي: جُوّفٌ لا عقولَ فيها)، وهوَ جَمْعُ أجْوَف. الأساس: رجلٌ أجوفٌ ومُجَوّف: جَبانٌ لا فؤادَ له، وقومٌ جُوّف.

قولُه: (ألا أَبْلِغْ أبا سُفْيانَ) البيت، ((نَخِبٌ)): الأساس: نَخِب: لا فؤادَ له، وقد نُخِبَ قَلْبُه كأنما نُزِعَ؛ مِنْ قولِهم: نَخَبْتُ الشيّءَ وانْتَخَبْتُه: إذا نَزَعْتُه، ومِنهُ الانتِخاب؛ كأنك

<<  <  ج: ص:  >  >>