وذلك أنّ القُلوبَ مراكزُ العُقُول. ألا ترى إلى قولِه:{فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ}؟ ويدلُّ عليه قراءةُ مَن قرأ:(فَزِعًا). وقُرِئَ:(قَرِعًا) أي: خاليًا؛ من قولِهم: أعوذُ بالله من صُفْرِ الإناءِ وقَرَعِ الفناء، وفِرْغًا، من قولِهم: دماؤُهم بينَهم فِرْغٌ، أي: هَدْر، يعني: بَطَلَ قلبُها وذهب، وبقِيَتْ لا قلبَ لها من شدّةِ ما ورد عليها {لَتُبْدِي بِهِ} لَتُصْحِرُ به. والضَّميرُ لمُوسى والمرادُ: بأمرِه وقِصَّتِه، وأنَّه وَلَدُها {لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} بإلهامِ الصَّبر، كما يُربَطُ على الشَّيءِ المُنفَلِتِ ليَقِرَّ ويَطمئِنَّ {لِتَكُونَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ} من المُصدِّقين بِوَعْدِ الله، وهو قولُه:{إِنَّا رَأَىدُّوهُ إِلَيْكِ} ويجوز: وأصبحَ فؤادُها فراغًا من الهمّ، حينَ سمعتْ أنَّ فرعونَ عطفَ عليهِ وتبنّاه إن كادتْ لتُبدي بأنَّهُ ولَدُها؛ لأنّها لم تملكْ نفسَها فرَحًا وسُرورًا بما سمعتْ، لَولا أنّا طمأنَّا قلبَها وسكَّنّا