للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهوَ يُعرِّضُ بأهل السُّنةِ في أنّ كلّ مُوحِّدٍ مِنْ أهلِ الجنة، وإنما طَمِعوا فيما أطمَعَهُمُ الله تعالى على لسانِ رسولِهِ صلى الله عليه وسلم حيثُ قال: ((مَنْ قالَ: لا إله إلا الله؛ دخلَ الجنةَ وإنْ زَنى وإنْ سَرَق)) ثلاثًا، وفي الثالثة: ((وإنْ رَغِمَ أنفُ أبي ذَرّ)).

وقلتُ: لا شكّ أنّ العُلوّ في الأرضِ هوَ الاستكبارُ على الله تعالى، والاستطالةُ على الناس، والإفسادُ: إخراجُ الشيءِ مِنْ كونِهِ مُنتَفَعًا به.

روى مُحيي السُّنة: {عُلُوًّا}: استكبارًا عنِ الإيمان، واستطالةً على الناسِ وتهاونًا بهم. و {فَسَادًا}: أخذُ أموالِ الناسِ بغيرِ حَق، والعملُ بالمعاصي. وأما ما رواهُ عنْ عليٍّ رَضيَ الله عنهُ: إِنَّ الرجُلَ لَيُعجِبُهُ أنْ يكونَ شِراكُ نعلِهِ أجودَ مِنْ شِراكِ نعلِ صاحِبهِ فيدخلُ تحتَها؛ فإنهُ مناقضٌ لِما رواهُ داودَ عنْ أبي هريرة: أنّ رجلاً أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وكانَ جميلا؛ فقال: يا رسولَ الله، إني رجُلٌ حُبِّبَ إليّ الجمالُ وأُعطِيتُ منهُ ما ترى حتى ما أُحِبُّ أنْ يفوقَني أحدٌ -إما قال: بشِراكِ نَعْل، وإما قال: بشِسْعِ نعل- أفَمِنَ الكِبْرِ ذلك؟ قال: ((لا، ولكنّ الكِبْرَ مَنْ بَطِرَ الحقّ وغَمَطَ الناس)). وروى مسلمٌ وأبو داودَ والترمذيُّ عنِ ابنِ مسعود: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخلُ الجنةَ مَنْ كانَ في قلبِهِ مِثقالُ ذَرّةٍ مِنْ كِبْرِ) فقالَ رجُل: إنّ الرجُلَ يُحبُّ أنْ يكونَ ثوبُهُ حسنًا ونعلُه حسنًا! قال: ((إنّ الله جميلٌ يحبُّ الجمال؛ الكِبْرُ بَطَرُ الحقِّ وغَمْطُ الناسِ)).

هذا وإنّ التأويلَ الذي يُعتمدُ عليهِ هوَ ما يساعدُهُ النظم؛ فإنّ هذهِ الآيةَ كالتخلُّصِ مِنْ قصةِ موسى عليهِ السلامُ وقومِهِ معَ قارونَ وبَغْيِهِ واستطالتِهِ عليهم، ثُمّ هلاكِهِ ونُصْرةِ أهلِ الحقِّ عليه، إلى قصةِ سيدِنا صلواتُ الله عليهِ وأصحابِهِ معَ قومِهِ واستطالتِهم وإخراجِهم إياهُ مِنْ مَسقَطِ رأسِه، ثُمّ إعزازِهِ بالإعادةِ إلى مكةَ وفَتْحِه إيّاها منصورًا مُكرّمًا وذلكَ قولُه

<<  <  ج: ص:  >  >>