للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

متعلقا بقوله: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ)، (وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ) ويقول: من لم يكن مثل فرعون وقارون فله تلك الدار الآخرة، ولا يتدبر قوله: (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) كما تدبره علىّ والفضيل وعمر.

[(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ٨٤]

معناه: فلا يجزون، فوضع (الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ) موضع الضمير؛ لأن في إسناد عمل السيئة إليهم مكرراً. فضل تهجين لحالهم، وزيادة تبغيضٍ للسيئة إلى قلوب السامعين (إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) إلا مثل ما كانوا يعملون، وهذا من فضله العظيم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعالى: {إنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}. روى محيي السُّنة: {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} لَرَدُّكَ إِلَى مَعَاد: إلى مكة، وهيَ روايةُ العوفيِّ عنِ ابنِ عباس. قالَ القتيبي: معادُ الرجُل: بلدُه؛ لأنُه ينصرفُ منهُ ثُمّ يعودُ إليه. وقالَ الإمام: {مَن جَاءَ بِالهُدَى}: الإعزازُ بالإعادةِ إلى مكة.

وإذا تقرّر هذا فينبغي أنْ يُفسّرَ العلوُّ والفسادُ بما اشتملَ عليهِ قصةُ قارون؛ فالعلوُّ فَرحُهُ بالدنيا؛ مِنْ قولِهِم: {لَا تَفْرَحْ}، وبَطَرُ الحق؛ مِنْ قولِه: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي}، وغَمْطُه الناس في قولِه: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ}. والفساد: البغيُ والظلمُ كما قالَ المصنِّفُ في قولِه: {وَلَا تَبْغِ الفَسَادَ فِي الأَرْضِ}، لا سيما ما أدخلَهُ في خروجِهِ على القومِ بتلكَ الزينة؛ حتى قالَ قائلُهُم: {يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتيَ قَارُونُ إِنَّهُ, لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}؛ فإنهُ إفسادٌ عظيمٌ في الدين؛ فقولُه: {والعَاقِبةُ لِلْمُتَّقِينَ} لا ينافي تفسيرَهُ المنقولَ مِنْ أهلِ السُّنة؛ لأنّ المرادَ مَنْ لمْ يكنْ مِثلَ فرعونَ وقارونَ مِنَ المؤمنين. والمتّقِي هاهنا هوَ المتّقي مِن عُلُوِّ فرعونَ وفسادِ قارون؛ لأنّ قولَه: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} تذييل.

<<  <  ج: ص:  >  >>