قال القاضي:{وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ} وهي المنافع التابعة لها من الخِصْب والرَّوح، وهو عطفٌ على علَّة محذوفةٍ دلَّ عليها {مُبَشِّرَاتٍ}، أو عليها باعتبار المعنى، أو على {يُرْسِلَ} بإضمار فعلٍ معلَّلٍ دل عليه {وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ}.
قوله:(اختَصَرَ الطريقَ إلى الغَرَض) إلى آخره، لخَّصَه صاحبُ ((المطلع)) وقال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ} كما أرسلناك إلى هؤلاء {فَجَاءُوهُم} بالدَّلالاتِ الواضحاتِ على صِدْقِ دَعْواهم كما أَتيتَ هؤلاءِ بالمُعجزات الدَّالةِ على صدقكَ {فَانتَقَمْنَا} أي: انتصرنا {مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} وهم المكذِّبون {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} اختَصَر الطَّريقَ إلى الغَرَض بأنْ أدرج تحتَ ذِكْر الانتصار والنصر ذِكْرَ الفريقَينِ-أعني المكذِّبين والمصدِّقين- وقد أَخْلى الكلامَ أولاً عن ذكرهما، وفي هذا تبشير للنبيِّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنينَ بالنَّصرِ في العاقبةِ على المكذبينَ، وأكَّد ذلك بقوله:{حَقًّا} ومعنى حَقًّا أنَّه تعالى أَخْبر به، وإذا أَخبر بشيء حُقَّ ذلك الشَّيءُ ووُجد ما أخبرَ به.
قوله:(بأن أَدرَجَ تحتَ ذكرِ الانتصار)، الأساس: أَدْرجَ الكُتيب في الكتاب: جعلَه في دُرْجِه؛ أي: في طَيِّهِ وثَنِيِّه.
وقلت: هاهنا ثلاثةُ مَقامات: أولها: قوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ} وليس فيه أنَّ هذا القوم من هم؟ المصدِّقون أم المكذبون؟ وإليه الإشارة بقوله:((وقد أخلي الكلامُ أولاً عن ذِكرهما)).