يطلقها وهي قريبة العهد من النكاح، وبين أن يبعد عهدها بالنكاح ويتراخى بها المدة في حبالة الزواج ثم يطلقها. فإن قلت: إذا خلا بها خلوة يمكنه معها المساس، هل يقوم ذلك مقام المساس؟ قلت: نعم، عند أبى حنيفة وأصحابه حكم الخلوة الصحيحة حكم المساس، وقوله:(فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا) دليل على أن العدة حق واجب على النساء للرجال. (تَعْتَدُّونَها): تستوفون عددها، من قولك: عددت الدراهم فاعتدها، كقولك: كلته فأكتاله، ووزنته فاتزنه. وقرئ:(تعتدونها) مخففًا؛ أى: تعتدون فيها، كقوله:
ويوم شهدناه
والمراد بالاعتداد ما في قوله تعالى:(وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا)] البقرة: ٢٣١ [.
قولُه:(في حِبالة الزوج)، الجوهري: الحِبالة: التي يُضادَ بها.
قولُه:(نعم عند أبي حنيفة وأصحابه)، قال القاضي: ظاهرُ الآية يقتضي عدمَ وجوبِ العِدّةِ بمُجرَّدِ الخَلْوة.
قولهُ:({تَعْتَدُّونَهَا}: تستوفون عَدَها) أي: تعدُّونها عليهنَّ، قال أبو البقاء:{تَعْتَدُّونَهَا} تفتعلونها من العدد، أي: تعدّونها عليهِنّ، وموضعُه جَرٌّ على اللفظ أوْ رَفْعٌ على الموضع.
قولُه:(وقُرِئ: ((تَعْتَدُونَها)) مخفّفًا)، وهو من الاعتداء، كما في قوله تعالى:{وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا}[البقرة: ٢٣١] أي: لتظلموا.
قولُه:(ويومٍ شَهِدناه)، تمامه:
سُهيلاً وعامِرًا … قليلٍ سوى الطعنِ الدِّراكِ نوافلُه