ولما كان الحياء مما يمنع الحيي من بعض الأفعال قيل:(لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ) بمعنى: لا يمتنع منه ولا يتركه ترك الحيي منكم. وهذا أدب أدّب الله به الثقلاء. وعن عائشة رضى الله عنها: حسبك في الثقلاء أنّ الله تعالى لم يحتملهم وقال: (فإذا طعمتم فانتشروا). وقرئ:(لا يستحى) بياٍء واحدة. الضمير في (سَأَلْتُمُوهُنَّ) لنساء النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكرن؛ لأنّ الحال ناطقة بذكرهن، (مَتاعاً) حاجة (فَسْئَلُوهُنّ) المتاع.
قيل: إن عمر رضى الله عنه كان يحب ضرب الحجاب عليهن محبًة شديدة، وكان يذكره كثيرًا، ويود أن ينزل فيه، وكان يقول: لو أطاع فيكن ما رأتكن عين، وقال: يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب؛ فنزلت. وروى: أنه مر عليهن وهن مع النساء في المسجد، فقال: لئن احتجبتن، فإن لكن على النساء فضلًا، كما أن لزوجكن على الرجال الفضل، فقالت زينب رضى الله عنها: يا ابن الخطاب،
قولُه:(ولمّا كان الحياءُ ممّا يمنَعُ الحَيِيَّ من بعض الأفعال قيل: {لَا يَسْتَحْيِي})، يعني: استُعير لقولِنا: لا يمتنعُ ولا يتركُ، لفظُ:{لَا يَسْتَحْيِي} بعد التشبيه، بدليلِ قولِه:((تَرْكَ الحَيِيِّ))، أو لأنّ الله سبحانَه وتعالى إذا وُصِفَ بما يختَصُّ بالأجسامِ حُمِلَ على نهاياتِ أغراضِه لا على بداياتِه، فإن الإنسان إذا حيي عن فِعْلٍ عِيبَ فيه، تركَه وامتنعَ منه.
قولُه:(تَرْكَ الحَيِيِّ)، منصوبٌ على المصدر، أي: لا يتركُه تركًا مثْلَ تَرْكِ الحَييِّ منكم. فيه إشعارٌ بأنَّ استعمالَ الحياءِ هنا مَجازٌ مسبوقٌ بالتشبيهِ، فيكونُ استعارةً، لأنَّ المُشَبَّه المتروكَ هو: لا يترك.
قولُه:(قيل: إنّ عُمرَ رضيَ الله عنه كان يُحِبُّ ضَرْبَ الحجاب عليهن)، روى البخاريُّ ومسلمٌ عن أنسٍ: قال عمر رضي الله عنه: قلتُ: يا رسولَ الله، يدخلُ عليك البَرُّ والفاجر، فلو أمرْتَ أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزلَ الله سُبحانَه وتعالى آيةَ الحجاب.
قولُه:(لو أُطاع فيكُنَّ ما رأتكُنَّ عين)، كنايةٌ عن ضَرْبِ الحجابِ، أي: عَيْن الأجانب.