إنك لتغار علينا والوحى ينزل في بيوتنا! فلم يلبثواإلا يسيرا حتى نزلت.
وقيل: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطعم ومعه بعض أصحابه، فأصابت يد رجل منهم يد عائشة، فكره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك؛ فنزلت آية الحجاب. وذكر: أنّ بعضهم قال: أننهى أن نكلم بنات عمنا إلا من وراء حجاب؟ لئن مات محمد لأتزوجن عائشة. فأعلم الله أن ذلك محرم. (وَما كانَ لَكُمْ): وما صح لكم إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نكاح أزواجه من بعده، وسمى نكاحهن بعده عظيما عنده، وهو من أعلام تعظيم الله لرسوله وإيجاب حرمته حيًا وميتًا، وإعلامه بذلك مما طيب به نفسه وسر قلبه واستغزر شكره. فإن نحو هذا مما يحدث الرجل به نفسه ولا يخلى منه فكره. ومن الناس من تفرط غيرته على حرمته حتى يتمنى لها الموت؛ لئلا تنكح من بعده. وعن بعض الفتيان: أنه كانت له جارية لا يرى الدنيا بها شغفًا واستهتارًا، فنظر إليها ذات يوم فتنفس الصعداء، وانتحب فعلا نحيبه مما ذهب به فكره هذا المذهب، فلم يزل به ذلك حتى قتلها؛ تصورًا لما عسى يتفق من بقائها بعده وحصولها تحت يد غيره. وعن بعض الفقهاء: أن الزوج الثاني في هدم الثلاث مما يجرى مجرى العقوبة؛ فصين رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يلاحظ ذلك.
قولُه:(وذُكِرَ أنّ بعْضَهم قال: أنُنهي أن نُكَلِّمَ بناتِ عَمِّنا)، روى مُحيي السنّةِ عن مُقاتل بن سُليمانَ: أنّه طَلْحة بن عُبيد الله. وفي روايتِه بَدَلَ ((فُلانةٍ)): عائشةُ رضيَ الله عنها.
قولُه:(لا يرى الدنيا بها)، قيل: الباءُ فيه كالباءِ في: بِعْتُ هذا بهذا.
قولُه:(واستهتارًا)، الاستهتار: أن يبلُغَ في الحبِّ غايةً لا يُبالي فيه ما قيلَ فيه، مأخوذٌ من الهَتْرِ، وهو مَزْقُ العِرْض.
قولُه:(في هَدْمِ الثلاث)، أي: الطلقاتِ الثلاثِ عند إرادةِ التحليل.