للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعنى تقليبها: تصريفها في الجهات، كما ترى البضعة تدور في القدر إذا غلت فترامى بها الغليان من جهة إلى جهة. أو: تغييرها عن أحوالها، وتحويلها عن هيئاتها. أو: طرحها في النار مقلوبين منكوسين. وخصت الوجوه بالذكر؛ لأن الوجه أكرم موضٍع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وبيتُ ((الكتاب)):

أما النهارُ ففِي قَيْدٍ وسِلْسلةٍ … والليلُ في جَوْفِ مَنْحوتٍ من الساج

أي: المذكورُ في نَهاره في القَيْدِ وفي لَيْلهِ في بَطنِ المنحوتِ، أي: السفينةِ، وقد جاءَ في الأماكنِ نَحْو: سارَتْ بهم الفِجاجُ، أي: ساروا فيها.

قولُه: (ومعنى تقْليبها: تَصْريفُها في الجهات)، الراغب: قَلْبُ الشيء: تصريفُه وصَرْفُه عن وجْهٍ إلى وجه، وقَلْبُ الإنسان أي: صَرْفُه عن طريقتِه والانقلابُ الانصراف قال الله تعالى: {انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: ١٤٤]، وقَلبُ الإنسانِ قيل: سُمِّيَ به لكَثْرةِ تَقَلُّبهِ، ويُعَبَّرُ بالقلْبِ عن المعاني التي تختصُّ به من الروحِ والعلمِ والشجاعةِ وسائرِ ذلك، وقولُه: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: ١٠] أي: الأرواح، وقولُه: {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ} [ق: ٣٧] أي: عِلْمٌ وفَهْم. وقوله: {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} [الأنفال: ١٠] أي: تثبُتَ به شجاعَتُكُم ويزولَ خوفُكم، وعلى عكْسِه: {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ} [الأحزاب: ٢٦]، وتقليبُ الشيء: تَغْييرُه مِن حالٍ إلى حالٍ نَحْو: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [الأحزاب: ٦٦]، وتقليبُ الأمور: تدبُّرها والنظرُ فيها، قال الله تعالى: {وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ} [التوبة: ٤٨]، وتقليبُ الله القلوبَ والبصائرَ: صَرْفُها مِن رأيٍ إلى رأي، وتقليبُ اليدِ: عبارةٌ عن النّدمِ ذكرًا لحالِ ما يُوجَدُ عليه النادمُ، قال تعالى: {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ} [الكهف: ٤٢] أي: يُصفِّقُ ندامةً، والقَليبُ: البئرُ التي لم تُطْوَ، والقُلْبُ: المقلوبُ من الإسورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>