أن يسنده إلى نفسه؛ لأن الرسول إذا دخل تحته مع جلالة محله، وسداد طريقته كان غيره أولى به. (إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) يدرك قول كل ضالّ ومهتد وفعله، لا يخفى عليه منهما شيء.
(وَلَوْ تَرى): جوابه محذوف، يعنى: لرأيت أمرًا عظيمًا وحالًا هائلة. و «لو» و «إذ» والأفعال التي هي (فزعوا) و (أخذوا) و"حيل بينهم"؛ كلها للمضى. والمراد بها الاستقبال؛ لأن ما الله فاعله في المستقبل بمنزلة ما قد كان ووجد لتحققه. ووقت الفزع: وقت البعث وقيام الساعة. وقيل: وقت الموت. وقيل: يوم بدر. وعن ابن عباس رضى الله عنهما: نزلت في خسف البيداء، وذلك أنّ ثمانين ألفًا يغزون الكعبة ليخربوها، فإذا دخلوا البيداء خسف بهم. (فَلا فَوْتَ): فلا يفوتون الله ولا يسبقونه.
السنة: إن كفارَ قريش كانوا يقولون: إنك قد ضَللْتَ حين تركْتَ دينَ آبائك، فقال الله تعالى:{قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} أي: إثْمُ ضَلالتي على نَفْسي، وإن اهتديت فبما يُوحى إلي من ربي من القرآن والحكمة.
قوله:(نزلت في خَسْفِ البَيْداء)، روينا في ((مسند أحمد بن حنبل)) عن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يأتي جيشٌ مِنْ قِبَلِ المشرقِ يريدونَ مكّة حتّى إذا كانوا بالبيداءِ خُسِفَ بهم)) فقلت: يا رسولَ الله، فكيف بمَنْ كان منهم مُسْتكرهًا؟ قال:((يُصيبهم كلّهم ذلك ثم يَبْعَث الله عزّ وجل كل امرئ على نيته)).
قيل: كان ذلك في أيام ابن الزبير. والبيداءُ: بَيْداءُ أهل المدينةِ، ونحوًا منه رواه البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها، وليس فيه ذكر أيام ابن الزبير.