وقرئ:(فلا فوت). والأخذ من مكان قريب: من الموقف إلى النار إذا بعثوا، أو من ظهر الأرض إلى بطنها إذا ماتوا، أو من صحراء بدر إلى القليب، أو من تحت أقدامهم إذا خسف بهم. فإن قلت: علام عطف قوله: (وَأُخِذُوا)؟ قلت: فيه وجهان: العطف على (فزعوا)، أى: فزعوا وأخذوا فلا فوت لهم. أو على "لا فوت"، على معنى: إذا فزعوا فلم يفوتوا وأخذوا. وقرئ:(وأخذ)، وهو معطوف على محل (لا فوت)، ومعناه: فلا فوت هناك، وهناك أخْذٌ.
قوله:(والأخذُ من كان قريب)، قيل: هذا مبتدأٌ، والخبرُ:((من الموقفِ))، أي: الأخذُ من مكانٍ قريب هو الأخذُ من الموقف منتهيًا بهم إلى النار.
قوله:(العطفُ على {فَزِعُوا})، أي: فَزعوا وأُخذوا فلا فَوْتَ لهم، أي: الفاءُ فيه معنى السببية، أي: حصَلَ فَزَعُهم وأخْذُنا إياهم فإذن فلا فَوْتَ لهم. لعلَّ هذا إشارةٌ إلى قول ابن جني أنه قال: ينبغي أن يكونَ {وَأُخِذُوا} في قراءةِ العامةِ معطوفًا على ما دلَّ عليه قوله: {فَلَا فَوْتَ} أي: أُحيطَ بهم ووأُخِذوا، ولا يصحُّ أن يكونَ معطوفًا على {فَزِعُوا} لأنّه لا يُرادُ: ولو تَرى وَقْتَ فَزَعِهم وأخْذِهم، وإنما المرادُ: ولو تَرى إذ فَزعوا، فلم يفوتوا وأُخِذوا، فعَطفَ على ما فيه الفاءُ السببيةُ فيكونُ حُكْمُه حكْمَه.
قوله:(وقُرئ: ((وأخْذٌ)) وهو معطوفٌ على محلِّ ((لا فوت)))، قال الزجاج: ويجوزُ: ((فلا فَوْتٌ))، ولا أعلم أحدًا قرأ بها، فإن لم تَثْبُتْ بها روايةٌ فلا تقرأَنَّ بها.
قال ابن جني:((وأخْذٌ)) قراءةُ طَلْحة بن مُصَرِّف، وفيه وَجْهان: أحدُهما: أنه مرفوعٌ بفعْلٍ مُضْمَرٍ يدلُّ عليه: {فَلَا فَوْتَ} أي: وأحاطَ بهم أخْذٌ من مكان قريب، وذكَر القُرْبَ لأنه ألزمُ، وثانيهما: أنهُ مُبتدأٌ وخَبرُه محذُوف، أي: هُناك أخْذٌ وإحاطةٌ بهم.