للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرئ: (التناؤش): همزت الواو المضمومة كما همزت في أجؤه وأدؤر. وعن أبى عمرو: التناؤش بالهمز: التناول من بعد، من قولهم: نأشت: إذا أبطأت وتأخرت. ومنه البيت:

تمنّى نئيشا أن يكون أطاعنى

أى: أخيرا. (وَيَقْذِفُونَ) معطوف على "قد كفروا"، على حكاية الحال الماضية، يعنى: وكانوا يتكلمون (بِالْغَيْبِ) ويأتون به (مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ). وهو قولهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم: شاعر ساحر كذاب. وهذا تكلم بالغيب والأمر الخفي؛ لأنهم لم يشاهدوا منه سحرًا ولا شعرًا ولا كذبًا، وقد أتوا بهذا الغيب من جهة بعيدة من حاله؛ لأن أبعد شيء مما جاء به الشعر والسحر، وأبعد شيء من عادته التي عرفت بينهم وجربت الكذب والزور. وقرئ: (ويقذفون بالغيب)، على البناء للمفعول، أى: يأتيهم به شياطينهم ويلقنونهم إياه. وإن شئت فعلقه بقوله: (وَقالُوا آمَنَّا بِهِ) على أنه مثلهم في طلبهم تحصيل ما عطلوه من الإيمان في الدنيا بقولهم: آمنا في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقُرئَ: ((التناؤش)))، الحَرَمِيان وابنُ عامرٍ وحَفْص: {التَّنَاوُشُ} بضَمِّ الواوِ، والباقونَ: بهَمْزِها.

قوله: (تمني نئيشًا أن يكونَ أطاعني)، تمامُه في ((المُطلع)):

وقد حدثَتْ بعد الأمورِ أمورُ

يقول: إنَّ صاحبي تمنّي آخرَ الأمرِ أن يكونَ أطاعَني فيما نصحْتُه مِنْ قَبْلُ، والحالُ أنْ قد حدثَتْ أمورٌ بعد أمورٍ دلّتْ على رَشادي وصِدْقِ رأيي.

قوله: (وإن شِئْتَ)، عَطْفٌ على قوله: {وَيَقْذِفُونَ} معطوفٌ على (قد كفروا))) أي: يكونُ حالاً من ضمير ((قالوا) أي: قالوا: آمنًا به، والحالُ أنَّهم يُرْمون مِن مكانٍ بعيد،

<<  <  ج: ص:  >  >>