للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على عبادته عبادة أشياء إن أرادكم هو بضر وشفع لكم هؤلاء لم تنفع شفاعتهم ولم يمكنوا من أن يكونوا شفعاء عنده، ولم يقدروا على إنقاذكم منه بوجه من الوجوه، إنكم في هذا الاستحباب لواقعون في ضلال ظاهر بين لا يخفى على ذي عقل وتمييز. وقيل: لما نصح قومه أخذوا يرجمونه فأسرع نحو الرسل قبل أن يقتل، فقال لهم: {إنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} أي: اسمعوا إيماني تشهدوا لي به. وقرئ: (إن يردني الرحمن بضر) بمعنى: إن يوردني ضرًا، أي: يجعلني موردًا للضر.

[{قِيلَ ادْخُلِ الجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وجَعَلَنِي مِنَ المُكْرَمِينَ} ٢٦ - ٢٧]

أي: لما قتل {قِيلَ} له: {ادْخُلِ الجَنَّةَ}. وعن قتادة: أدخله الله الجنة وهو فيها حي يرزق. أراد قوله تعالى: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ} [آل عمران: ١٦٩]. وقيل: معناه البشرى بدخول الجنة وأنه من أهلها. فإن قلت: كيف مخرج هذا القول في علم البيان؟ قلت: مخرجه مخرج الاستئناف؛ لأن هذا من مظان المسألة عن حاله عند لقاء ربه، كأن قائلًا قال: كيف كان لقاء ربه بعد ذلك التصلب في نصرة دينه والتسخي لوجهه بروحه؟ فقيل: قيل: ادخل الجنة، ولم يقل: قيل له؛ لانصباب الغرض إلى المقول وعظمه، لا إلى القول له مع كونه معلومًا، وكذلك {قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} مرتب على تقدير سؤال سائل عما وجد من قوله عند ذلك الفوز العظيم. وإنما تمنى علم قومه بحاله؛ ليكون علمهم بها سببًا لاكتساب مثلها لأنفسهم، بالتوبة عن الكفر، والدخول في الإيمان، والعمل الصالح المفضيين بأهلها إلى الجنة. وفي حديث مرفوع: "نصح قومه حيًا وميتًا".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لاستحبابكم عبادة أشياعكم على عبادة الله؛ إن أراد الله أن يضركم فهؤلاء لم يتمكنوا من الشفاعة.

قوله: (نصح قومه حيًا وميتًا) أما نصحه حيًا فظاهر، وأما في الممات فإنه لا تمنى من الله

<<  <  ج: ص:  >  >>