للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أراد هب بنا، فحذف الجار وأوصل الفعل. وقرئ: (من بعثنا)، و (من هبنا)، على "من" الجارة والمصدر، و {هَذَا} مبتدأ، و {مَا وَعَدَ} خبره، و {مَا} مصدرية أو موصولة. ويجوز أن يكون {هَذَا} صفة للمرقد، و {مَا وَعَدَ} خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا وعد الرحمن، أي: مبتدأ محذوف الخبر، أي: {مَا وعَدَ الرَّحْمَنُ وصَدَقَ المُرْسَلُونَ} حق عليكم. وعن مجاهد: للكفار هجعة يجدون فيها طعم النوم، فإذا صيح بأهل القبور، قالوا: من بعثنا؟ وأما {هَذَا مَا وعَدَ الرَّحْمَنُ} فكلام الملائكة. عن ابن عباس، وعن الحسن: كلام المتقين. وقيل: كلام الكافرين يتذكرون ما سمعوه من الرسل فيجيبون به أنفسهم، أو بعضهم بعضًا. فإن قلت: إذا جعلت {مَا} مصدرية؛ كان المعنى: هذا وعد الرحمن وصدق المرسلين، على تسمية الموعود والمصدوق فيه بالوعد والصدق، فما وجه قوله: {وصَدَقَ المُرْسَلُونَ} إذا جعلتها موصولة؟ قلت: تقديره: هذا الذي وعده الرحمن، والذي صدقة المرسلون، بمعنى: والذي صدق فيه المرسلون، من قولهم: صدقوهم الحديث والقتال،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المعنى على: من هب فهببنا معه، وإنما معناه: من أيقظنا كما أن قوله تعالى: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: ١٧] ليس معناه أنه تعالى ذهب وذهب بنورهم معه، بل أذهب نورهم، فذهب به كأذهبه، أي: أزاله فاعرف ذلك.

قوله: (وقرئ: "من بعثنا") قال ابن جني: قرأها علي رضي الله عنه. فمن الأولى متعلقة بالويل، أو حال منه متعلقة بمحذوف، أي: كائنا من بعثنا، وجاز أن يكون حالًا منه كما يجوز أن يكون خبرًا منه، كقول الأعشى:

ويلي عليك وويلي منك يا رجل

ومن في {مِن مَّرْقَدِنَا} متعلقة بنفس البعث.

<<  <  ج: ص:  >  >>