للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيطان من اتخاذ الأولياء والشفعاء، وتوبوا إليه مما سبق لكم من الشرك {وَاسْتَغْفِرُوهُ}. وقرئ: (قال إنما أنا بشر). فإن قلت: لم خص من بين أوصاف المشركين منع الزكاة مقرونًا بالكفر بالآخرة؟ قلت: لأن أحب شيء إلى الإنسان ماله، وهو شقيق روحه، فإذا بذله في سبيل الله فذلك أقوى دليل على ثباته واستقامته وصدق نيته ونصوع طويته. ألا ترى إلى قوله عز وجل: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: ٢٦٥]؟ أي: يثبتون أنفسهم ويدلون على ثباتها بإنفاق الأموال، وما خدع المؤلفة قلوبهم إلا بلمظة من الدنيا فقرّت عصبيتهم، ولانت شكيمتهم، وأهل الردّة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تظاهروا إلا بمنع الزكاة، فنصبت لهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وما خدع المؤلفة قلوبهم إلا بلمظة من الدنيا)، الانتصاف: كلام الزمخشري حسن بعد تبديل "خدع المؤلفة"فالتأليف على الإيمان ليس خداعًا، إنما التأليف ملاطفة لا خديعة.

وقلت: ما أحسن موقع الخداع وقرانه مع لمظة من الدنيا، ثم أردفه بقوله: " فقرّت عصبيتهم، ولانت شكيمتهم". روينا عن البخاري ومسلم والترمذي، عن أنس: "أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين غنائم، فقسم في المهاجرين والطلقاء ولم يعط الأنصار شيئًا، فقالت الأنصار: إذا كانت الشدة فنحن ندعى وتعطى الغنائم غيرنا، فبلغه ذلك فجمعهم في قبة فقال: "يا معشر الأنصار، ما حديث بلغني عنكم"؟ فسكتوا، فقال: "يا معشر الأنصار، أما ترضون أن يذهب الناس بالدنيا وتذهبون بمحمد تحوزونه في بيوتكم قالوا: بلى يا رسول الله رضينا. فقال: "لو سلك الناس واديًا وسلكت الأنصار شعبًا لأخذت شعب الأنصار".

وفي رواية: قال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن قريشًا حديث عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتألفهم، أما ترضون". الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>