الحرب، وجوهدوا. وفيه بعث للمؤمنين على أداء الزكاة، وتخويف شديد من منعها؛ حيث جعل المنع من أوصاف المشركين، وقرن بالكفر بالآخرة. وقيل: كانت قريش يطعمون الحاج، ويحرمون من آمن منهم برسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: لا يفعلون ما يكونون به أزكياء، وهو الإيمان.
روينا في "صحيح البخاري"، عن عمرو بن ثعلب قال:"أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومًا ومنع آخرين، فكأنهم عتبوا عليه، فقال: إني أعطي قومًا أخاف ظلعهم وجزعهم، وأكل قومًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الخير والغنى". ظلعهم، أي: ميلهم عن الحق وضعف إيمانهم، وأصله داء في قوائم الدابة تغمز منها.
قوله:(بلمظة) الجوهري: لمظ يلمظ بالضم لمظًا، إذا تتبع بلسانه بقية طعامه، أو أرخج لسانه فمسح به شفتيه.
قوله:(لا يفعلون ما يكونون به أزكياء)، الراغب: أصل الزكاة: النمو الحاصل من بركة الله، ويعتبر ذلك بالمور الدنيوية والأخروية، وبزكاء النفس وطهارتها يصير الإنسان بحيث يستحق في الدنيا الأوصاف المحمودة، وفي الآخرة الأجر والمثوبة، وهو أن يتحرى الإنسان ما فيه تطهيره.
وقلت: في هذا المقام هو الإيمان كما قال المصنف. روى محيي السنة عن ابن عباس: يعني الذين يقولون: لا إله إلا الله، وهي زكاة الأنفس. المعنى: لا يطهرون أنفسهم من الشرك. وقال مجاهد: لا يزكون أعمالهم. وقلت: المعنى على هذا فاستقيموا إليه بالتوحيد وإخلاص العبادة له، وتوبوا إليه مما سبق لكم من الشرك وويل لكم إن لم تفعلوا ذلك كله، فوضع موضعه مع إيتاء الزكاة؛ ليؤذن بأن الاستقامة على التوحيد وإخلاص العمل لله