لأن قوله:"وجعل" عطف على "خلق" وداخل في حيز صلة "الذي" وقد فصل بقوله: {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدادًا ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ} وإن قلت: هو في الحال من الضمير في "حلق" أي قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين مجعولًا له أندادًا، فهو وجه؛ لأنه حال من الضمير الذي في "خلق" لا من نفس الموصول.
وقال أبو البقاء:"وجعل فيها" مستأنف غير معطوف على "خلق" لما يلزم الفصل، وليس من الصلة في شيء.
وقلت: الكلام مفرغ في قالب محكم رصين لا يجوز التفكيك لا بالحال ولا بالاستئناف، فإن قوله:{وَجَعَلَ} عطف على {خَلَقَ}، وكذلك {وَتَجْعَلُونَ} عطف على "تكفرون" وكأن أصل الكلام: أئنكم لتكفرون بالذي حلق الأرض في يومين وجعل فيها رواسي من فوقها، بدليل قوله:{فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً} لأنه فذلكة لمدة خلق الله الأرض وما فيها، كما قال المصنف، وفيه تصريح بأن "جعل" معطوف على "خلق"، ثم لمزيد الإنكار جيء بقوله:{وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدادًا} أبين من "تكفرون" و {رَبُّ الْعالَمِينَ} أجمع من "الذي خلق الأرض" ومن ثم قال المصنف: "ذلك الذي قدر على خلق الأرض في مدة يومين هو رب العالمين" نظيره قوله تعالى: {قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة: ٢١٧]{وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} عطف على {سَبِيلِ اللَّهِ}.
قال المصنف: "فإن قلت: كيف ساغ العطف قبل الفراغ من المعطوف عليه؟ قلت: إنما ساغ لأن {وَكُفْرٌ بِهِ} في معنى الصد عن سبيل الله، واتحادهما جوز ذلك، كأنه قيل: صد عن سبيل الله والمسجد الحرام، كذلك ها هنا التقدير: أئنكم لتجعلون أندادًا لمن خلق