للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خلق السماوات والأرض على الماء، فأخرج من الماء دخانًا، فارتفع فوق الماء وعلا عليه، فأيبس الماء، فجعله أرضًا واحدة، ثم فتقها فجعلها أرضين، ثم خلق السماء من الدخان المرتفع. ومعنى أمر السماء والأرض بالإتيان وامتثالهما: أنه أراد تكوينهما فلم يمتنعا عليه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا يستقيم دخولها في الوجود إلا بعد الدحو، وأيضًا إنه لا نزاع أن قوله تعالى: {فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ} كناية عن إيجاد السماء والأرض، فلو تقدم إيجاد السماء على إيجاد الأرض لكان قوله: {ائْتِيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} يقتضي إيجاد الموجود.

ونقل الواحدي في "البسيط" عن مقاتل أنه قال: خلق السماء قيل: قبل الأرض، وتأويل الآية: ثم استوى إلى السماء وهي دخان قبل أن يخلق الأرض، على الإضمار، ثم قال: والمختار عندي أن يقال: خلق السماء مقدم على خلق الأرض، والخلق ها هنا ليس عبارة عن التكوين والإيجاد بل عن التقدير كما في قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [ىل عمران: ٥٩] لئلا يلزم أنه تعالى قال للشيء الذي وجد: كن، والتقدير في حق الله سبحانه وتعالى حكمه بأنه سيوجد ويقضى بذلك، وعليه معنى الآية.

وقال القاضي: والظاهر أن "ثم" لتفاوت ما بين الخلقين لا للتراخي في المدة؛ لقوله: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: ٣٠] مقدم على خلق الجبال من فوقها.

وقال صاحب "الكشف": قال قوم: إن "ثم" لترتيب الخبر على الخبر، أخبر أولًا بخلق الأرض ثم اخبر بخلق السماء، وقد تقدم مثل هذه الآية، آي جمة.

قوله: (وامتثالهما: أنه أراد تكوينهما فلم يمتنعا عليه) قال القاضي: معنى {ائْتِيا} ائتيا

<<  <  ج: ص:  >  >>