للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[{وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ * وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ١٩ - ٢١]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}؟ قال: يحشر الله عز وجل أعداء الله الكفار من الأولين والآخرين، فإن قوله: "فهديناهم" في مقابل {إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ} وأن قوله: {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى} في مقابل {قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً} الآية، وكذا في قوله: {فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا} فصيحة تفصح عن محذوف، أي فهديناهم فاستكبروا، بدلالة قرينتها، فظهر أن المراد من قوله: "فهديناهم" دللناهم إلى الإيمان وبينا لهم سبيل الرشاد، يعني: أرسلنا إليهم صالحًا يدعوهم إلى التوحيد والعبادة فاستحبوا العمى على الهدى فأحبوا التقليد والإقامة على ما كانوا عليه من الكفر والضلالة. ويؤيد هذا التفسير إجماع المفسرين قاطبة.

قال محيي السنة: {وًامَّا ثَمُودَ فَهَدَيْنَاهُمْ} دعوناهم. قال مجاهد وقال ابن عباس: بينا لهم سبيل الهدى. وقيل: دللناهم على الخير والشر، كقوله: {هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} [الإنسان: ٣] {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى} فاختاروا الكفر على الإيمان.

وروى الزجاج عن قتادة: بينا لهم طريق الهدى وطريق الضلالة. وروى الواحدي عن الفراء: دللناهم مذهب الخير بإرسال الرسل فاختاروا الكفر على الإيمان، وعليه أول كلامه. وهذا القدر لا يمنع من تقدير الله فيهم الكفر؛ لأن القول بالكسب حق، وإذا وافق أقوال المفسرين ذلك النظم السري كيف يتوهم أن الألفاظ تساعد قوله، والحمد لله على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>