قرئ:{يُحْشَرُ} على البناء للمفعول، و (نحشر) بالنون وضم الشين وكسرها، و:(يحشر): على البناء للفاعل، أي: يحشر الله عز وجل، {أَعْداءُ اللَّهِ}: الكفار من الأوّلين والآخرين. {يُوزَعُونَ} أي: يحبس أوّلهم على آخرهم، أي: يستوقف سوابقهم حتى يلحق بهم تواليهم، وهي عبارة عن كثرة أهل النار نسأل الله أن يجيرنا منها بسعة رحمته. فإن قلت:{مَا} في قوله: {حَتَّى إِذا ما جاؤُها} ما هي؟ قلت: مزيدة للتأكيد، ومعنى التأكيد فيها: أنّ وقت مجيئهم النار لا محالة أن يكون وقت الشهادة عليهم، ولا وجه لأن يخلو منها. ومثله قوله تعالى:{أَثُمَّ إِذا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ}[يونس: ٥١] أي: لا بدّ لوقت وقوعه من أن يكون وقت إيمانهم به. شهادة الجلود بالملامسة للحرام، وما أشبه ذلك مما يفضي إليها من المحرّمات. فإن قلت: كيف تشهد عليهم أعضاؤهم وكيف تنطق؟ قلت: الله عز وجل ينطقها كما أنطق الشجرة بأن يخلق فيها كلامًا. وقيل: المراد
قوله:(وهي عبارة عن كثرة أهل النار)، أي: كناية. قال في قوله:{وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}[النمل: ١٧] أي: يحبس أولهم على آخرهم حتى يلحقهم التوالي فيكونوا مجتمعين لا يتخلف منهم أحد، وذلك الكثرة العظيمة. قال صاحب "الكشف": عالم الظرف -يعني "يوم"- ما دل عليه {يُوزَعُونَ}.
قوله:(الله تعالى ينطقها كما أنطق الشجرة بأن يخلق فيها كلامًا)، قال الإمام: فعلى هذا يلزم ان يكون المتكلم هو الله تعالى؛ لأنه هو الذي فعل الكلام لا ما كان موصوفًا به كما قلتم في الشجرة، كما أنه تعالى متكلم هناك لا الشجرة، كذلك ها هنا الشاهد هو الله تعالى