للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالجلود: الجوارح. وقيل: هي كناية عن الفروج، أراد بـ {كُلِّ شَيْءٍ}: كل شيء من الحيوان، كما أراد به في قوله: {وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} بالبقرة: ٢٨٤] كل شيء من المقدورات، والمعنى: أنّ نطقنا ليس بعجب من قدرة الله الذي قدر على إنطاق كل حيوان، وعلى خلقكم وإنشائكم أوّل مرّة، وعلى إعادتكم ورجعكم إلى جزائه. وإنما قالوا لهم: {لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا}؛ لما تعاظمهم من شهادتها وكبر عليهم من الافتضاح على ألسنة جوارحهم.

[{وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ} ٢٢ - ٢٣]

والمعنى: أنكم كنتم تستترون بالحيطان والحجب عند ارتكاب الفواحش، وما كان استتاركم ذلك خيفة أن تشهد عليكم جوارحكم؛ لأنكم كنتم غير عالمين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا الأعضاء، وظاهر القرآن بخلافه؛ لأنهم قالوا لها: {لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ}.

واما على مذهبنا فسها؛ لأن البنية ليست شرطًا للحياة والعلم والقدرة، فالله تعالى قادر على خلق العقل والقدرة والنطق كل في كل جزء من اجزاء هذه العضاء.

قوله: (ما كان استتاركم ذلك خيفة أن تشهد عليكم) جعل "أن تشهد" مفعولًا له بإضمار المضاف؛ لأن "يستتر" لا يتعدى بنفسه فلا يكون مفعولًا به. وقال صاحب "الكشف": التقدير من أن يشهد، فحذف، ثم كلامه المستدرك لقوله: {وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ} هذا المفعول له، ولهذا قال: "ولكنكم إنما استترتم لظنكم"، المعنى: لم يكن استتاركم لخوف الحساب في

<<  <  ج: ص:  >  >>