سره مراقبة من التشبه بهؤلاء الظانين. وقرئ:(ولكن زعمتم). {وَذلِكُمْ}: رفع بالابتداء، و {ظَنُّكُمُ} و {أَرْداكُمْ} خبران، ويجوز أن يكون {ظَنُّكُمُ} بدلًا من {ذلِكُمْ}، و {أَرْداكُمْ} الخبر.
{فَإِنْ يَصْبِرُوا} لم ينفعهم الصبر، ولم ينفكوا به من الثواء في النار، {وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا}: وإن يسألوا العتبى -وهي الرجوع لهم إلى ما يحبون جزعًا مما هم فيه-
العاملين، ولكن قوله:"منه" مما تنازع فيه أسماء التفضيل، وضميره يعود إلى المؤمن. وقوله:"ما الملأ" مقابل لقوله: "في أوقات خلواته" قهو مثل قولك: زيد قائم أحسن منه قاعدًا في تفضيل إحدى حالتي الشيء على الأخرى، تلخيصه يكون في الخلوة أحسن احتشامًا من ربه من نفسه مع الملأ.
قوله:(وإن يسألوا العتبى، وهي الرجوع لهم إلى ما يحبون)، الجوهري: أعتبني فلان، إذا عاد إلى مسرتي راجعًا عن الإساءة، والاسم منه: العتبى. واستعتب، طلب أن يعتب، يقال: استعتبته فأعتبني، أي؛ استرضيته فأرضاني.
الراغب: العتب كل مكان ناب بنازله، ومنه قيل للمرقاة ولأسكفة الباب عتبة. واستعير العتب والمعتبة لغلظة يجدها الإنسان في نفسه على غيره، وأصله من العتب وبحسبه قيل: خشنت بصدر فلان ووجد في صدره غلظة، وقولهم: عتبت فلانًا، أي: أبرزت له الغلظة التي وجدت له في الصدر، واعتبت فلانًا: حملته على العتب، ويقال: أعتبته: أزلت عتبه. والاستعتاب: أن يذكر عتبه ليعتب، يقال: استعتبت فلانًا. ويقال: لك العتبى، وهو إزالة ما لأجله يعتب، وبينهم أعتوبة، أي: ما يتعاتبون به.