للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يعتبوا: لم يعطوا العتبى، ولم يجابوا إليها، ونحوه قوله عز وعلا: {أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ} [إبراهيم: ٢١]. وقرئ: وإن يستعتبوا {فَمَا هُمْ مِنَ المُعْتَبِينَ} أي: إن سئلوا أن يرضوا ربهم فما هم فاعلون، أي: لا سبيل لهم إلى ذلك. {وَقَيَّضْنا لَهُمْ}: وقدّرنا لهم، يعنى لمشركي مكة. يقال: هذان ثوبان قيضان: إذا كانا متكافئين. والمقايضة: المعاوضة. {قُرَناءَ}: أخدانًا من الشياطين، جمع قرين، كقوله: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: ٣٦]. فإن قلت: كيف جاز أن يقيض لهم القرناء من الشياطين وهو ينهاهم عن اتباع خطواتهم؟ قلت: معناه أنه خذلهم ومنعهم التوفيق لتصميمهم على الكفر، فلم يبق لهم قرناء سوى الشياطين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ({وَقَيَّضْنا لَهُمْ}: وقدّرنا لهم) روي عن المصنف: ومنه: قيض البيضة: قشرها؛ لأنه لباسها، واللباس بقدر اللابس، قال معاوية رضي الله عنه: ولو أن يزيد قياض غوطة دمش رجالًا ما رضيت.

الراغب: في قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطانًا} [الزخرف: ٣٦]، أي: نتح ليستولي عليه استيلاء القيض على البيض.

قوله: (المقايضة: المعاوضة)، الجوهري: قايضت الرجل مقايضة، أي: عاوضته بمتاع؛ وهما قيضان، كما تقول: بيعان.

قوله: (كيف جاز أن يقيض لهم القرناء من الشياطين وهو ينهاهم عن اتباع خطواتهم؟ )، الإنتصاف: الآية على ظاهرها، فالله تعالى ينهى عما يريد وقوعه، وبذلك صرحت هذه الآية، فتقول لمن يخرجها عن موضعها: ولو لم يكن في القرآن حجة على القدرية الذين هم مجوس هذه المة بشهادة نبيها صلوات الله عليه سوى هذه الآية لكفى بها، فهذا موضع هذه المقالة التي أنطقه الله بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>